اليوم ..وفي تمام منتصف الظهيرة ...يممتُ وجهي صوب بلدة سيريس قضاء جنين القسّام ...بلدة جميلة ، تكسو روابيها الخضرة ، وتنتشر أشجار الزيتون ...وحقول الفلاحين على جنبات الطريق ...يقطفون ما غرسوا ...اتصلتُ بالشاعر الجميل الأستاذ / أسامة الكيلاني ...فردّت سيدة فاضلة ، فسألتها عن أسامة ، أجابت أنها ليست فيالبلد ...وقالت : هو في سيريس ...أخذت العنوان منها ...وسرتُ في سيارتي ...وبعد خمس دقائق كان جرس الجوال ( الذي ينزعج منه الجميع ) ، وكان أسامة .
سألته : أين أنت يا أسامة ؟ فقال : أناااا هههه ، في جنين يعني وين !!فقال : وأنت يا شاعرنا أين ؟؟ فقلتُ : في سيريس ...فتغيرت نبرة صوته ..وشعرتُ به يود القفز صوبي من الجوال ...قلت له : دقائق أكون معك .
وفعلا ...مضيتُ في شوارع البلدة الوادعة ...والقرويون في حقولهم ..منظرهم جمل ..والشوارع خالية أو تكاد من المارّة ..وشخص أو إثنان يجلسان مقابل محلاتهم ..
وأنا أسير وكأني أعرف منزله ..وكان هناك ينتظر أمام المنزل ، ووجهه صوب الغرب ، ربم كان يعتقد أنني قادم إليه من طريق بلدة ميثلون ..وهي بلدة جميلة متاخمة لبلدة سيريس ...لكي كنت قادما من ناحية الشرق ..طريق واد الفارعه ..الذي يعرفه كل فلسطيني ، بسبب وجود معتقل الفارعة الصهيوني ..والذي عرفنا فيه جميع أنواع القهر والإعتقال في فترة الإحتلال المباشر لأرضنا ...وزال المعتقل ..وتحول لتجمع شبابي وملعب رياضي معشب ...
توقفت أمام منزله ...وهو مستمر في الترحيب ، وعبارات كثيرة تتدافع مرحبا بي ....
نزلتُ من السيارة ، تعانقنا ...وتعانقنا ....
لكي كنت قادما من ناحية الشرق ..طريق واد الفارعه ..الذي يعرفه كل فلسطيني ، بسبب وجود معتقل الفارعة الصهيوني ..والذي عرفنا فيه جميع أنواع القهر والإعتقال في فترة الإحتلال المباشر لأرضنا ...وزال المعتقل ..وتحول لتجمع شبابي وملعب رياضي معشب ...
وحتى في زياراتك ،تدعنا نشعر ما بداخلك من حقد وكره على هذا الاحتلال.
أستاذي الوليد
نبارك هذا اللقاء الجديد، الذي يتوج عمق العلاقة الطيبة التي تسود في الأسرة الواحدة ـ النبع
فرحة جداً لكما
.. ربما يصلني غصن الزيتون من أرض فلسطين المباركة
وأنتظر
بشوق بقية الحديث .
تحيتي
هيام
التوقيع
وما من كــاتب إلا سيفنى … ويبقي الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شي... يسرك في القيامة أن تراه
دخلت منزل الأستاذ / أسامة ...منزل يشبه منازلنا جميعا ، حيث حديقة جميلة تتناثر فيها شجيرات الورد ...
صعد قبلي للطابق العلوي ..انتظرت حتى أخذت الإذن بالصعود ..جلسنا في حجرة الضيافة ...لفتَ انتباهي وجود مكتبة...ولمحت في ملامحه ..الفلسطيني الذي حالت جنسيته بينه وبين وطنه ..لمحتُ فريد مسالمة ونياز المشني ..لمحت أحلام هيام النجار وديزريه سمعان في عناق ثرى وجبال وسهول فلسطين وزيارة مقدساتها ...لمحتُ تفاصيل مشوار التشرد الفلسطيني ، وأحلامه الممنوعة من النشر أو البوح ...
كيفك أسامة ؟
ــ أهلا شاعرنا الكبير ...
ــ نورت فلسطين يا صديقي .
ــ منورة بيكم .
حوار أولي دار ...كنت أتوقف بين كل جملة وجملة ، ليس تقليدا للمشاهير الذين يتكلمون على دُفعات ...
إنما كان بين كل جملة وجملة حالة من التأمل ..الوجع ... .
ــ أعتذر منك على تأخري في الحضور ، لكن صدقا يا أسامة وقتي مضغوط جدا .
ــ أنا أقدر ارتباطاتك ومشاغلك ...
ــ متى اجازتك تنتهي ؟؟
ــ السبت لازم أسافر .
ــ شوووووووووو ، مش ممكن ، حاول تتأخر ، لازم ناخدك نابلس ورام الله ونعمل لك الواجب ونقوم بواجبك.
ــ هههههه والله يا ريت ما بتقصر ، بس تعرف اجازتي قصيرة .
ها هو شريط اللقاء يمر من أمامي مسرعا
أتخيل كل ركن مررتم به
الحديقة .. الشوارع .. حتى المنزل من الداخل
تشع منه رائحة المحبة
أشتم رائحة الليمون بحديثك
وأغصان الزيتون تلوح تحت أشعة الشمس
تستقبل ابنا بارا بالوطن
لله دركم ما أروعكم
فراشة النبع ...
وأنا أسير في شوارع بيت لحم ..وحين دخلت ساحة كنيسة المهد ...
وجدتني أنادي : ديزيريه ...
صدقيني سنستقبلك ونتشرف بصحبتك للقدس الشريف وكنيسة القيامة
وبيت لحم وكنيسة المهد ونسير في طريق الآلام والجلجلة ونصحبك لنابلس
لبئر يعقوب ...ونطعميك كنافة نابلسية ...ومحمد سمير سيكون قبطان الرحلة
نعم ... في جينين ..كنتُ ..وكان أسامة ..ورائحة الزيتون والبرتقال والليمون
تفوح في كل ...