د. أميمة محمد عمور - قد لا يختلف اثنان في الوقت الحالي أن الحياة التي يعيشها طفل اليوم تختلف عن السابق في جميع جوانبها سواءً الأسرية أو المجتمعية أو العالمية.
ولو حاولنا أن نعد المرات التي يقول فيها طفلك انه يشعر بالملل ويكرر عبارة ( انا زهقان) فأنها تتجاوز العشرات على الرغم من توفر وسائل الترفيه للطفل في الأسرة او في الحي وتجاوزها أضعاف أضعاف ما كان موجودا لنظرائهم في الماضي القريب .
ساعات يقضيها أطفالنا أمام التلفاز, وان طلبنا منهم التوقف عن المشاهدة والبدء بعمل آخر سرعان ما يواجهوننا بمفردة "زهقان "ولعل ذلك راجع إلى عدة أمور منها: - عدم توافر بدائل للتلفاز من مثل البرامج والأنشطة لاستثمار وقت الفراغ الطويل الذي يعيشه الأطفال في الوقت الحاضر،وعدم مراعاة هذه الأنشطة لميول واهتمامات الطفل في الوقت الحاضر وفرض بعض الأنشطة والهوايات على الطفل فرضاُ دون مراعاة لمقدرته أو موهبته الأمر الذي لا يجدا لطفل بديلاً له الأ بالبقاء أمام الشاشة لملء وقت فراغهم ,بالإضافة إلى عدم إدراك الوالدين لخطورة بقاء أطفالهم لوقت طويل في مشاهدة البرامج التلفزيونية أياً كان نوعها.
وأمام مفردة زهقان ولمواجهتها قد يلجأ بعض الأهالي إلى تشجيع أطفالهم على قضاء أطول وقت ممكن في مشاهدة التلفاز لقاء حصولهم على فترات من الهدوء في المنزل,بالإضافة إلى وفرة القنوات التلفزيونية التي تتنافس في كثرة ما تقدمه من البرامج الجاذبة، المصحوبة بالدعاية الإعلامية القوية التي تسهم في إغراء المشاهد (ولا سيما في هذه السن) بالمكوث فترة أطول أمام الشاشة.
وتشير الدراسات إلى أن الأطفال الذين يكثرون مشاهدة التلفزيون يعانون قلة الحركة ، والرغبة في الانعزال ، ويصابون بالاكتئاب ، ويتحولون بالتدريج إلى الإدمان على مشاهدة التلفزيون ، ويرون في المدرسة والأصدقاء والأهل " عناصر أقل تشويقاً من التلفزيون " ، بالإضافة إلى أن كثرة مشاهدتهم لمواقف العنف في الأفلام تجعل مشاعرهم تتبلد ، ولا يتأثرون مثل نظرائهم بمواقف الحياة اليومية.
ولذا فأنه من الضروري أن تكون قدوة لأطفالك ،فلا تعطي لنفسك الحق في أن تشاهد ما تشاء ، ولساعات ما تشاء وتحرمهم من مشاهدة برامج الأطفال و عليك أن توفر لهم البدائل وألعاب و الكتب التي يشغلون بها وقتهم ، لتطوير قدراتهم ، وزيادة حسهم الاجتماعي ، ولذا ينصح الآباء بقضاء أطول فترة ممكنة معهم في أنشطة أسرية و مشاركتهم اهتماماتهم وهواياتهم ولا نفرض عليهم أي نشاط لا يثير أنتباههم ودافعتيهم وليتم أنجاز هذا الأنشطة بجو أمن كخروج الطفل مع أهله إلى حديقة يلعب بالرمال والطين بيديه ، ، ويشم الزهور والرياحين ، ويستمتع بالهواء الطلق ، ويرى نور الشمس عند شروقها ، وساعة الظهيرة ، وعندما تحمر في ساعة الغروب ، ويتعلم التعامل مع الآخرين من خلال التجربة الفعلية .
ولو فكرنا في حل وسط وهو السماح لأطفالنا بالمشاهدة مع مراعاة بعض الأمور وهي :عدم استخدام التلفزيون كأسلوب عقاب أو مكافأة ، لأنك إذا فعلت ذلك أصبحتْ مشاهدة التلفزيون , بغض النظر عن المضمون والبرنامج الذي يبثه ,شيئاً مهماً للطفل ، فتزيد قيمة التلفزيون عنده ، ويعطيه أهمية تفوق قدره و عدم تخصيص جهاز تلفزيون خاص للأطفال في حجرتهم بحيث يشاهدون ما يريدون دون رقابة ، والحرصُ على مشاركةِ الأطفالِ وذلك لأن الأطفال يحبون الأنشطة الجماعية ، و التعرف على المعلومات والقيم التي تصلهم عن طريق هذه البرامج ، وكذلك مناقشتهم فيما شاهدوه ، لمعرفة ما يعجبهم ، وسبب حرصهم على رؤيته ، وما يضايقهم
وتنصح الأسرة بالجلوس مع الأطفال قبل بدء المشاهدة ، وتحديد ما يريدون مشاهدته بالضبط ، ولا نبدأ تشغيل التلفزيون قبل موعد البرنامج المتفق عليه ، ولا يبقى لحظة واحدة بعد انتهاء هذا البرنامج ، و هناك العديد من الدراسات العلمية الحديثة التي توصلت إلى أن الحد الأقصى للفترات المناسبة لمشاهدة التلفزيون يومياً بالنسبة لأعمار الأطفال كالتالي : من سن( 2-4 )20 دقيقة من سن ( 3 -5 )30 دقيقة من سن (6 -9) 60 دقيقة من سن (10-13) 90 دقيقة مع التنبيه إلى أن تجاوز هذه الفترات يتسبب في عدم توازن مشاعر الأطفال ، وانخفاض مستواهم العلمي ، وعجزهم عن إقامة علاقات إنسانية مع زملائهم ، خصوصاً أن الأطفال الذين تتجاوز مدة مشاهدتهم للتلفزيون ثلاث ساعات ، يعتادون رؤية برامج منخفضة المستوى ، لا تتناسب مع أعمارهم , خلافاً للأطفال الذين بلغوا السادسة من العمر ، والذين لا تتجاوز مشاهدتهم للتلفزيون فترة الستين دقيقة ، حيث يحرصون على مشاهدة برامج مفيدة ، مثل أفلام عن عالم الحيوان ، للاستفادة من هذا الوقت بأفضل طريقة.