من يفكر في الاعتداء على طفل بريء؟ يجب أن نستوعب أن الذين يقومون بهذه الجريمة ليسوا كائنات غريبة وليسوا بالضرورة مجانين، بل قد يوجد مثل هؤلاء الأشخاص في أي مكان، قد يكونون أغنياء أو فقراء، قد يكونون متعلمين، مدرسين، بوابين، أطباء، خدما، أو يمتهنون أي نوع آخر من المهن، لكن غالباً ما تكون مشاعر هؤلاء الأشخاص سلبية تجاه أنفسهم ولديهم مشاعر غضب تجاه العالم كله، وقد يكونون قد تعرضوا هم أنفسهم للاعتداء وهم أطفال، ويعبرون عن تلك الرواسب من خلال اعتدائهم على الأطفال.
الاعتداء النفسي يتضمن الاعتداء اللفظي، العاطفي، والأخلاقي، وهذا النوع من الاعتداء هو عبارة عن تصرف أو سلوك أحد الأبوين أو الشخص الذي يرعى الطفل بشكل يؤثر تأثيراً سلبياً على سلامة الطفل وتكوينه كإنسان سوي فيما بعد.
قد يكون هذا الاعتداء هو العقاب الشديد (مثل التهديد بمنع الطفل نهائياً من شيء معين)، أو اللوم المستمر للطفل، والمقارنة المستمرة بين الطفل وأخيه، الذي يعتبره الأبوان أفضل منه، وتوجيه تعليقات للطفل مثل “أنت لست جيداً” أو “أنت لا تستطيع عمل شيء صح” مما قد يجعل الطفل يشعر بأنه عديم القيمة وأنه لا يستحق الحب أو الرعاية، أو حتى عندما يقول الأب شيئاً مثل : التدخين ضار، ثم يقوم بالتدخين أمام الطفل، فهذا يعد شكلا من أشكال الاعتداء الأخلاقي، لأن الأب بهذا الشكل يضع الطفل في صراع أخلاقي لا يستطيع استيعابه في هذا السن الصغيرة.
علامات وأعراض هذا النوع من الاعتداء تتضمن، إصابة الطفل بالاكتئاب والانطواء، ضعف تقديره لذاته، صعوبة في تكوينه وحفاظه على علاقات إيجابية مع أفراد أسرته أو أصدقائه، مشاكل في التخاطب، قلق وخوف، اضطرابات في الأكل، الانكماش على النفس، سلوك عنيف أو دفاعي، عدم القدرة على الثقة بأحد، الشعور بالرفض من قبل الآخرين، عدم المبالاة، وتأخر في النمو.
عندما يتعرض الطفل بشكل دائم إلى الإهانة والتعليقات السلبية، سيؤثر ذلك حتماً بشكل سلبي على نظرته تجاه ذاته. على سبيل المثال، إذا قلت للطفل أنه غير مرغوب فيه، أو أنه كان غلطة، أو أنه لا يستطيع عمل شيء صح، سيصبح خجولاً، انطوائياً، ويفقد ثقته بنفسه، وإذا حاول أحد التقرب منه، قد يتصرف بعصبية أو بعنف ليحمي حقوقه.
على الجانب الآخر، إذا شعر الطفل بالأمان والرعاية، سيكتشف إمكانياته، يختبر قدراته، ويصل إلى أقصى مهاراته، وسينمو باطمئنان في جو الحب والرعاية اللذين يحيطان به.
إن الآثار السلبية التي تنتج عن الاعتداء على الأطفال غالباً ما تستمر معهم طوال حياتهم، بدلاً من أن ينمو الطفل ويتطور ويتعلم أن يعيش ويحب الآخرين وينعم باهتمامهم، يستمر معه إلى الأبد التأثير السلبي الناتج عن الاعتداء الذي قد تعرض له قد ينتج أيضاً عن الاعتداء على الطفل مشاكل عاطفية واجتماعية له وانحراف في شخصيته مما يؤدي إلى سلوك عنيف في البيت والمدرسة.
قد يتحاشى الطفل أيضاً وجوده مع الناس، وقد يرفض المشاركة في أي شكل من أشكال الحياة الاجتماعية، سواء مع أسرته أو مع أصدقائه، وقد تظهر عليه علامات خوف شديد بشكل عام، وقد لا يثق بالمحيطين به من الكبار أو قد ينتابه شعور بالذنب.
وكنتيجة للاعتداء، قد يفقد الطفل ثقته بنفسه والشعور بقيمته، وقد لا يكون قادراً على القيام بالأمور العادية مثل اتخاذ القرارات البسيطة اليومية، والاعتماد على النفس، واكتساب المهارات المدرسية الأساسية، أو التحلي بالصفة القيادية.
بالنسبة للطفل الصغير، قد تكمن بداخله ذكريات الاعتداء الذي حدث له ثم تظهر فقط بعد أن يكبر سواء عن طريق إيذاء نفسه أو إيذاء المحيطين به.