عذرا سيّدتي
بقلم: حسين أحمد سليم
(آل الحاج يونس)
تتجلّى عظمة الله تعالى في عظمة بدائع صنعه في الأكوان و الأفلاك و الأحياء والأشياء, ما ظهر منها و ما بطن, و ما تراءى لها و ما إستتر. وتتراءى قدرته سبحانه في وحدة خلقه, بوحدة نسائج الخلق و عناصر التّكوين. ما يعكسإستنارة للعاقل المُتفكّر وعيا و عرفانا, أحاديّته الصّمديّة المطلقة, ويثبّت بما لا يقبل الشّكّ, لا من قريب و لا من بعيد, أنْ لمْ ولنْ ولا يكون له كفوا أحد, منذ البدء في الأزل وحتّى المنتهى في الأبد, و يبقى وجهه نور السّماوات و الأرض بعد فناء الكلّ. له ما شاء وما يشاء في مشيئته, الّتي شاءها رحمة ومودّة وحكمة وعدالة...
حوّاء الأنثى الأولى و مثيلاتها, صنيعة العليّ القدير العظيم, من نفس قبضة طينة آدم الأوّل المادّيّة, من أديم الأرض, من خلاصة التّراب, من الصّلصال, من الحمأ المسنون كالفخّار, و الّتي جعل فيها ما فيها من ميول و شهوات و رغباتو إغراءات جسديّة. و الّتي نفخ الله فيها من روحه ومضة نفس نابضة بالحياة, و ضمّخ ثناياها و دمّج فيها ما فيها من القداسة و الطّهارة و السّموّ و التّرقّي, عروجا للعلا في أرحبة الخالق.تنتعش و ترتعش إستنارة بسيّالات من أثير شفيف, لتخوض تجارب الحياة, و ترود الفراديس الإلهيّة الموشّاة باللينوفار المقدّس. حوّاء الأنثويّة الذّكيّة, زوجة النّفس الذّكوريّة الذّكيّة, الّتي سوّاها الله سبحانه من نسائج آدم بعلها, وجعلها قرينة له, و قرينا لها, تؤنس وحدته, و يؤنسها, و تتكامل به و بها يتكامل, لتولد الحياة من الحياة, و تستمرّ برضا الله و تقواه, فيُعرف الله تعالى ويُوحّد, و يُعبد سبحانه, حقّ وحدانيّته و عبادته الّتي أمر بها الخلق طرّا...
حوّاء الأنثى, ركن الأساس في منظومة العيش بدنيا الفناء و صولا لعالم البقاء, و الّتي ذكركِ الله في كتابه السّماويّ القرآن, و منحكِ ما شاء له المنح, تقديرا لكِ و تكريما في سورة النّساء, و بعض آيات أخر مباركات, رفع فيها من شأنكِ كإمرأة من جنس النّساء, و ميّزكِ عن قرينكِ التّوأم آدم من جنس الرّجال, و جعل منكِ نصف الحياة و نصف المجتمع و نصف الإستمرار, و زادكِ قداسة و طهارة في الحمل و الإنجاب و مرارة الأوجاع, و إحتضار الطّلق و الولادة و الأمومة و الحنان و البذل و التّضحية و العطاء. و أسبغ عليكِ قبساتَ من مسحاتِ الجمال, شاءها ومضاتَ من كمالِ جماله المطلق. عجنها بالسّحر و الفتنة و الإغواء و الإغراء, تحفيذا للجذب و الإندماج و التّفاعل و التّماذج و التّلاقح و التّكامل في قداسة اللقاء, مودّة و رحمة من لدن الباريء, زرعها طمأنينة عند ذكره في الصّدور المؤمنة...
حوّاء المرأة الأنثى, المخلوقة رحمة و مودّة و حكمة و قدرا لا بدّ منه, و ضرورة كاملة متكاملة من أساسيات البقاء النّسبيّ و الإستمرار في قيام صروح الهدف الأسمى. إنعكاس تجلّيات عظمة في بدائع الصّنع لكينونتكِ المادّيّة و الرّوحيّة و الجماليّة بأمر الله, بتطابق و توافق و تناغم و إنسجام جماليّ هارمونيّ روحي ساحر فاتن, متموسق أثيريّا بشفافيّة على وتريّات ترانيم أسرار الحياة في كنه الوجود. حوّاء السّحر و الفتنة و الإغواء في كلّ ما تطوي عليه كينونتكِ, جمالكِ كمالكِ, كيفما تشكّل ووُلِد و كان و مهما كان تشكيلا و وِلادة و كينونة. لأنّ في تشكيله و خلقه و نفخ نسائم الحياة فيه, تتجلّى عظمة الله و قدرته في بدائع صنعه للجمال, الّذي شاء و أودعه أمانة قدريّة في كينونة جسدكِ السّاحر المتكامل المتناسق, و توّجكِ مؤتمنة على الأمانة, ليبلونّكِ في محنة منظومة الجمال, و يُحاسبكِ حكمة و عدالة و رحمة على قدر حفظ الأمانة...
جمالكِ حوّاء الأنثى هويّتكِ و سمة كينونتكِ في تشكيل كمالكِ, جسدا و روحا و نفسا و خلقا عظيما و تقرّبا لله تعالى. فكوني الأمينة المؤتمنة على الأمانة, وكوني صادقة الوعد و العهد و القسم و الإلتزام, طاهرة الفكر و التّفكّر و القول و العمل, نبيلة الأحاسيس و المشاعر, منضبطة الأداء في مسارات الإجراءات العمليّة و الفعليّة, مقوننة الرّؤى و التّطلّعات و الآمال المرتجاة, واقعيّة التّفكّر و المُتطلّبات.أبدا لا يُغويكِ الشّيطان الأكبر اللعين بوساوسه المتعاظمة, الّتي لا تنقطع من محاولاته في الإغراء لكِ و تزيين الشّهوات و فعل الشّرور, و ممارسة الأخطاء بالإنحرافات عن قوامة الإستقامة, و تحريضا على فعل الغشّ تمويها للشّوائب, و ما يتراءى لكِ إفتراضيّا من النّواقص أو من القبح و البشاعة, جموحا و إستعراضا في لعبة التّجميل و خرافة التّحسين السّريع الزّوال, و عبادة المساحيق و مؤثّرات الطّلاء الّتي ما أنزل الله بها من سلطان, تغييرا وتبديلا لِسنّة الله في بدائع صنعه, الّتي تتجلّى عظمة من عظمته في جماليات تكوينكِ, و تشكيل سحرك الطّبيعيّ في كامل مفاتن جسدكِ, سيّما وجهكِ الّذي هو وجه الحياة و وجه الجمال و الكمال و وجه أمّتي, الّذي تتجلّى في تشكيله عظمة صنع الله في تكوين إشراقات عناصره, الجبهة الوضّاءة بسمة العبادة, الحاجبان السّيفان, و العينان الرّافلتان, و الوجنتان الورديّتان, و الخدّان الأسيلان, و الأنف الفاتن الجمال, و الشّفتان الكرزيّتان, و اللمى السّاحرة عند أطراف الشّفتين, ناهيكِ عن العنق الملود, و أنسام الشّعر في الجدائل, و مشهديّات الإبتسامات على المحيّا, ولوحة الثّغر الفريدة السّحر و الجمال... ففي كلّ ناحية من نواحي جسدكِ و مفاتن جسدكِ, تتجلّى عظمة الخالق في عظمة بدائع الصّنع في السّحر و الجمال...