من أساليب الشرط في الحديث النبوي الشريف
........................
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جاء رمضان فُتّحت أبواب الجنة، وغُلّقت أبواب النار، وصُفّدت الشياطين) رواه مسلم. كتاب الصيام ، باب فضل شهر رمضان مختصر صحيح مسلم للمنذري ص 209 وصحيح البخاري برقم 1899
.......................
الحديث الشريف جملة شرطية خطابها مطابق لمقتضى حال المتلقي مهما كانت رتبته وثقافته سلسة في تركيبها وبنائها وفي دقة انتقاء رسول الله صلى الله علية وسلم وهو أفصح العرب لمفرداتها.
إن الجملة تقع في أسلوب الخبر ولم نجد فيه أي أسلوب من أساليب التوكيد لأن بناء التركيب ودلالته
جعلت من الخبر يقينا من غير الحاجة إلى مؤكدات
( إذا جاء رمضان ) صورة شخصت رمضان وهو معنى قادما من سفر يحمل لنا البشرى فتستقبله العقول والقلوب وإذا بأبواب الجنة مفتوحة محسة أمامنا .
فأداة الشرط ( إذا ) هي ظرف لما يستقبل من الزمان أداة شرط غير جازمة وقد أوردها الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الخبر لأن الفعل بعدها حتمي ولا شك في وقوعه وللكثير الوقوع (1)بخلاف ( إن ) الشرطية التي يكون الفعل بعدها محتمل الوقوع .
وقد ذهب النحاة إلى أن القصد من مجيء الشرط ماضيا ( إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة ) وإن كان معناه الاستقبال فهو إنزال غير المتيقن منزلة المتيقن وغير الواقع منزلة الواقع (2)
والملاحظ على جواب الشرط قد ورد فعلا ماضيا مبنيا للمجهول معطوف على أفعال متوازية صرفيا ( فُعِّلتْ) ( فُتِّحَتْ ، غُلِّقَتْ ، صُفِّدَتْ ) وقد بنيت الأفعال للمجهول ليس من باب الخوف على الفاعل أو منه أو لأنه معروف وهو معرف حقا ولكن ذلك التركيب جاء لتركيز الاهتمام على الحدث(3) .. فتح أبواب الجنة ، وغلق أبواب النار ، وصفد الشياطين ولا بد من الإشارة إلى أن التوازي في العطف له أثره في إحداث موسيقى داخلية تسمو بالحديث الشريف وتستهوي المتلقي في استبيان معانيها فضلا عن ذلك بما أشاعه الطباق ( فتحت ، غلقت ) من إيصال صورة فنية رائعة
1- ينظر في ذلك معاني النحو د. فاضل السامرائي ص450
2- المرجع نفسه ص435
3- الإعجاز البياني للقرآن ومسائل ابن الأزرق د. عائشة عبد الرحمن 1391 هـ - 1971م دار المعارف مصر ص 224