ثمار تزهر في عيدها حبا
الاحتفال السنوي بعيد الأم أصدق اعتراف بفضلها على أبنائها وعائلتها ومجتمعها، وهي قد كُرِّمت في جميع مراحل العصور منذ بدء الخليقة ,ونالت التوصية بالتكريم الذي تستحق في جميع الكتب السماوية فكرمت في القرآن الكريم أعظم تكريم، كما كرمت في الإنجيل .
والاحتفال بالأمهات هو دعوة لمكارم الأخلاق,وإشاعة لروح التراحم والبر وإعلاء لقيمة الأمومة من سهر وإنجاب ورعاية وحب ودعوات بأن يحفظ الله الأبناء .
أرى نفسي في هذا اليوم من كل عام , وفي كل يوم ,طفلا أحن إلى كلمات أمي وابتسامتها وعناقها، لأقبل يديها وأسمع دعواها، وهي التي أعطت بدون حدود، سهرت وتألمت لتوفر لنا كل ما نحتاج بالرغم من ضيق ذات اليد ومحدودية الإمكانات، وأتذكر دائما ما أوصتني به لأكون الثمرة الناضجة المنتجة الصالحة، زرعت في يقيني الحكمة لأتميز فأوصتني بأن الأمانة تحصد الثقة، والطيبة توفر الأصدقاء، والتواضع يثري الاحترام، والتقدير يغنى بالاعتبار، والاجتهاد يتبعه النجاح .
وأتذكر قولها :يا بني الحذر مطلوب ,فما نزرع اليوم نحصده في الغد, فعلى قدر العطاء في الحياة تأتي الثمار ,وان زرعنا خيرا نحصد خيرا ,فاحرص على ما تزرع .
وها انا أبشرها اليوم بما يفرحها فقد أثمر زرعها ، فلا أجمل ولا أحلى من رضى الوالدين والأم بالتحديد, وقد تعلمت منك يا أمي أن لا أبني سقفا للطموحات وأختار من بستان الحياة كفاف يومي , فأكتفي ,وللغد موعد آخر يعلمه الله .
وقد تعلمت من أمي أن درس الأمس عبرة للطالب المجتهد وقد اجتهدنا، وكلنا طلاب في مدرستك حتى الساعة، وأدرك يا أمي أننا نعيش اليوم كما نحن أبناء البارحة , أطفالا نحبو ونطلب رضى أجمل الأمهات .
ولن أنس الدرس المتميز والأمثل بأن القناعة في التوقيت الصحيح هي الصورة الأبهى من صور الثراء الذي نتمناه في حياتنا اليوم، وليس في تأجيله حكمة، فالمستقبل حكما من نصيب أصحاب الأسئلة الصعبة وأنا سعيد بعضوية جمعية هؤلاء.
وقد تعلمت منك يا أمي أن الطمع والكِبَر والغضب تُحطم الإنسان الذي عليه أن يتسلح بالطمأنينة والأمل والصدق، وأثمن أمور الحياة الحب بصدق, واحترام الذات والوقت لكي يصبح الإنسان عظيم الشأن ,فكان قدري وشعاري بالعمل الجاد والإخلاص نحقق النجاح , وأن هناك أمورا في الحياة لا يمكن استرجاعها , ولكن حب الأمهات حاضر دوما في كل الأيام فلا يغيب ,وان غابت أمهاتنا.
قبلة مني , لأمي وشكرا من كل الأبناء اليوم وكل يوم اعترافا بجميل صنيعهن , فقد نقشن حبا وحنانا في حياة أبنائهن لا يتغير ولا يخبو ولا يزول ,ورحمة لوالدي في ترابه وهو شريكك في حسن الجميل والتربية و لك ولكل أمهاتنا طول العمر.
د. كميل موسى فرام