التشكيلي " بولس سركو "صوتاً جريئاً و مثيرا ًبدخوله عالم الفن والتجريد الحر , تتغيرالرسوم عنده إلى نوع مخالف
بولس سركو فنان تشكيلي سوري واعد ,انتسب إلى معهد فان دير كيلين للفن التشكيلي في أنتورين بلجيكا عام 1984 , ثم انتسب إلى نقابة الفنون الجميلة في سوريا عام 1995 , حائز على عدة شهادات تقدير في الفنون , شارك في العديد من المعارض داخل القطر وخارجه , كتب عنه نقاد وباحثون عرب و أجانب أستطاع أن يقدم نفسه بقوة و عّبر عن فلسفته الخاصة بمعرضه المقام حالياً في المركز الثقافي الروسي بمدينة دمشق .
أطل على ساحة الفن التشكيلي المعاصر يجابه بخضم من الاتجاهات و التيارات الفنية , بإثارتها الشكلية المجردة و مابين استلهام الواقع بنزعة تعبيرية و تجاوز الرؤى الخيالية , وكذلك فنون الحضارات القديمة و موروثاتها التشكيلية و محاولة إحيائها من جديد .
كان هاوياً مرتبطاً ببيئته فتوصل من خلالها إلى صيغه التجريديةالتي تحمل ثقافة بصرية تنزيهية شرقية بقدر ما هي عالمية فهي ببساطة تعتمد على مساحة هائلة تترصع حولها شرائط من الألوان الصريحة و المشعة و المسطحة فهو استعار من الغرب التجريد و منحه التشخيص في بعض اللوحات مما جعل أعماله مقتناة في سوريا و بلدان العالم كافة .
لوحات الفنان تعتبر بحق مخزناً لأحلام الإنسان , فردوسه المفقود و ساحة هروبه من واقعه .بولس سركو فنان يسكنه هاجس السؤال و معاناة الإبداع و يواكب خصوصية القضايا المتعلقة بالممارسة التشكيلية باعتبارها أداة تعبيرية , ينشغل بالثقافة بشكل عام , إنه من الفنانين اللذين نجدهم في لقاءات المهرجانات و الندوات الثقافية لأنه يعتبر أن الفنان التشكيلي مثقف و عليه أن تكون له وجهة نظر و ليس مجرد تقني و حرفي , يعرف كيف يصنع لوحته أو يخلط مادته , لا يكتفي بهذا التحرك الثقافي فقط بل يتخذ من فنه أداة لتوصيل رؤيته فيما يتعلق بالفن التشكيلي و علاقته مع المجتمع , يقيم توازناً ما بين مفهومي التراث و المعاصرة كضرورات جمالية تصالحية , حاول تحديد دوره كشاهد على عصره و ناقل تراثي لشعلة حضارته , فحوصر كمونه البصري و الروحي و السحري , فنه يجعلنا نعود إلى " ادورنو " ( كيف نفكر في الجميل و كيف نفكر في الجمال يصفته واقعاً متعدداً و بصفته منظوراً من عدة وجوه ؟
يقوم علم الجمال حسب " ادورنو " في ترابط و وعي بتشييد ما يحدث بطريقة غير متماسكة و غامضة في الأعمال الفنية " و هذا ما نلاحظه في معظم أعمال " بولس " الذي أضاء بأفكاره و نقلها من وعيه بواسطة تقنية الألوان في شكل صور و أضاف الناحية الخيالية و كل غايته هو إحداث المتعة البصرية أو إثارة الدهشة و الصدمة بغرابة بنائه و خاماته , و في سياق الاتجاهات الغربية يعد الفنان صوتاً جريئاً و مثيراً بدخوله عالم الفن و التجريد الحر مستفيداً من المدارس الغربية و في استخدام المواد الغربية و النفايات المهملة في تشكيل بعض لوحاته بالرغم من ندرة المشتغلين بهذا المجال فإنه يواظب في بسالة على الخوض في هذا المضمار و قد استطاع أن يستقطب الكثير من الفنانين الشباب إلى الدخول معه في تياره هذا مما انعكس مؤخراً في معظم المعارض التي توحي بميلاد هوية جديدة ناضجة للفن التشكيلي السوري التي تذوب بداخلها الؤثرات المختلفة ( تراثية أو غربية ) .
الفنان حاول أن ينوع مواقفه الفنية فعمل عل إخراج الفن التشكيلي من إطاره الضيق و هو إطار اللوحة كمساحة لها طول و عرض .. الخ إلى مجال أوسع فقد دخل أفاقاً أوسع فضلاً عن دلالته لبعض الرموز و الأشكال التي تشكل نداءً خاصاً , ثم اشتغل بمواد سائلة في بعض و بسبب سيولة نوع المواد تتغير الرسوم و تتحول إلى نوع مخالف للمتعارف عليه لأن همه هو انتزاع المتلقي من الفضاء الضيق إلى الفضاء الواسع , فغير في الأسلوب التقليدي و هذا نوع من الإبداع .
و يجب أن نعلم بأن "بولس سركو " عندما يلجأ إلى أسلوب ما يأخذ جانباً منه و يمزجه بجوانب أخرى و هو مؤمن بأن التجربة العملية الفنية مبتية على علاقة الشكل بالشكل تبقى غير واضحة إذا لم ترمز إلى مدلول ما , فهو يميل إلى كل ما هو رمزي و خيالي يدعًمه بالثقافة و التصور .
الزائر لمعرضه يجد المتعة في لوحاته المعقدة البناء التي تزداد فيها تداخلات السطوح بحيث تشمل كافة الفراغ مع تعميق في قيم التونات الغامقة و التوازن بين المسطحات أي الخطوط المستقيمة و المنحنية و توزيعه للظل و النور , مفردات تشكيلية تضج بالحيوية و الإحساس .