إذا ذهب الحمار بأم عمرو
فلا رجعت ولا رجع الحمار
**********
مثل بالفصحى يتداوله الناس حتى اليوم وتعددت اسباب تداوله،
أنه في احدي حارات القاهرة القديمة كانت تعيش عجوز في عقدها السابع من العمر ، تدعي بأم عمرو ،وكانت حادة الطباع سليطة اللسان ،تفتعل المشاكل مع أهل الحارة وتتشاجر معهم بدون أسباب تذكر ،
لدرجة أنها حددت لكل أسرة يوم تتشاجر معها فيه ،
وفي أحد الأيام وفد علي الحارة ساكن جديد مع أسرته ، يقال له أبا أيوب
وكان له حمارا يركبه للذهاب إلي مقر عمله ،
وبينما كان أبي أيوب يتعرف علي أهل الحارة الجديدة وأسرها قالوا له :
إن موعدك أنت وأسرتك للشجار مع أم عمرو غدا (وسردوا له قصتهم معها )
وبينما هو يفكر في الأمر وكيف يواجه الموقف وقد شاركته زوجته في التفكير ، اهتديا إلي أنهم لا يتعرضا لام عمر هذه ولن يردا عليها مهما بلغ الأمر ، وبزغ الصبح وأطلت الشمس بأشعتها الذهبية علي الحارة ، وعندما كانت زوجة أبا أيوب تفتح نافذة الغرفة وتطل علي أبي أيوب وهو يضع للحمار وجبة إفطاره من العلف والفول ليقوي علي حمله إلي حيث عمله وبعده يأخذ السلطانية ليحضر الفول المدمس والخبز من ذلك الرجل الواقف بأول الحارة أمام عربته وعليها قدره الفول المدمس وطاولة العيش البلدي ،
ليفطر هو الآخر مع أولاده الصغار وبينما هم كذلك فإذا بأم عمر تكيل لهم من ألوان السباب والشتائم
مالا يخطر علي بال احد وما لم يسمعا به من قبل ،
وهما لا يعيران أي اهتمام لها ، فإذا بها تسقط مغشيا عليها من شدة الغيظ ، لان أحدا لم يرد عليها وقرر أهل الحارة أن ينقلوها إلي المستشفي
ولم يجدوا ما يحملونها عليه سوي حمار أبي أيوب، فأسرع احدهم إلي أبي أيوب قائلا يا أبا أيوب:
لقد ذهبوا بأم عمرو علي حمارك إلي المستشفي وقد لا يرجع،
فرد أبا أيوب قائلا :
قولته المشهورة والتي صارت مثلا تتداوله الأجيال جيلا بعد جيل :
إذا ذهب الحمار بأم عمرو
فلا رجعت ولا رجع الحمار
ويقال
وسبب انطلاق هذ المثل هو انه :
حكاية مأثورة عن الجاحظ وهي أنه قال: ألّفت كتاباً في نوادر المعلمين وماهم عليه من التغفل. ثم رجعت عن ذلك وعزمت على تقطيع ذلك الكتاب.. فقد دخلت يوماً مدينة، فوجدت فيها معلماً في هيئة حسنة، فسلمت عليه فرد علي أحسن رد ورحب بي، فجلست عنده وباحثته في القرآن الكريم، فاذا هو ماهر فيه. ثم فاتحته في الفقة والنحو وعلم المعقول، وأشعار العرب، فاذا هو كامل الفقة والأدب فقلت: هذا والله مما يقوي عزمي على تقطيع الكتاب الذي تحدثت فيه عن غفلة المعلمين.
وأخذت اختلف إليه وأزوره.. حتى جئت يوماً لزيارته، فإذا الكتاب مغلق، ولم أجده.. فسألت عنه، فقيل: مات له ميت فحزن عليه وجلس في بيته للعزاء.
فذهبت إليه نحو داره وطرقت الباب فخرجت الي جارية وقالت: ما تريد؟ قلت سيدك. فدخلت ثم خرجت وقالت: بسم الله.. فدخلت إليه وإذا به جالس فقلت عظم الله أجرك فيما فقدت(لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) كل نفس ذائقة الموت، فعليك بالصبر. ثم قلت له: هذا الذي توفي ولدك؟ قال: لا. قلت والدك؟ قال: لا، قلت أخوك؟ قال: لا، فقلت: إن كانت زوجتك فرحمة الله عليها وعوضك الله خيرا منها.. قال ليست بزوجتي.. إذن الميت ما هو منك؟ قال حبيبتي. فقلت في نفسي هذه أول المناحس. فقلت: سبحان الله النساء كثير، وستجد غيرها بتوفيق من الله، ومشيئته. فقال: أو تظن أني رأيتها؟ قلت في نفسي وهذه منحسة ثانية.
ثم قلت: وكيف عشقت من لم تر؟ فقال: أعلم أني كنت جالساً في هذا المكان وأنا أنظر من الطاق، اذ رأيت رجلاً عليه برد وهو يقول:
أيا أم عمرو جزاك الله مكرمة
ردي علي فؤادي أينما كان
لا تأخذين فؤادي تلعبين به
فكيف يلعب بالانسان انسانا
ومضى المعلم يحدث الجاحظ
فقلت في نفسي: لولا أن أم عمرو هذه ما في الدنيا أحسن منها، لما قيل فيها هذا الشعر الجميل فعشقتها.. فلما كان منذ يومين إذ مر ذلك الرجل بعينه وهو يقول:
لقد ذهب الحمار بأم عمرو
فلا رجعت ولا رجع الحمار
فعلمت أنها ماتت فحزنت عليها وأغلقت المكتب وجلست في الدار أتقبل العزاء.. ...
ويقال
كان بمصر شريف من وُلْدِ أبي العباس يعرف بأبي جعفر وكان من البسطاء الذين إذا نَعَتَّهُمْ بالبلهِ والغفلةِ فما ظلمتهم ، و يحكي أنه دخل عليه كاتبه وكاتم أسراره أبو الحسين فوجده ينتحبُ ويبكى بكاءَ الثكالى وهويردِّد : وا ضَيْعَتَاهُ فقال أبو الحسين : مالك لا أَبْكى اللُه لكَ عينا ؟ فقال : ماتت أمى أو قال ماتت الكبيرة - وكان بارا بها فقال أبو الحسين أحقا ماتت ؟؟قال : نعم . فتصنع الحزنَ والأسى مشاطرةً لخاطره ولكن الكاتبَ أنكر الحالَ بعد قليلٍ إذ لم يجدْ على موتِ الكبيرةِ دليلاً فلا أحدَ يعزِّيهِ ولا في الدار حركةٌ فبقِىَ حائراً
******************************************
.. حتَّى أَتَتْ جاريةٌ فقالت للشريفِ : أمُّك تبلِّغك سلامَها وتسألكَ ماذا تأكلُ اليومَ ؟ فقال الشريف قولي لها :متى أكلتُ بغيرِ شهوتِك يقصد أنه لارأى له فما ترغب هى فى أكلِه هو فيه راغبٌ . فقلت يا سيدي الشريف هل الكبيرة مازالت حيةً ؟ فقال الشريف وما تظنُّ ؟ أتظُنُّ أنَّها ماتت حقَّاً ؟ ..بل إننى قد رأيتُ البارحةَ في المنامِ كأنها تركبُ حماراً يسيرُ بها في صحراءَ وعلى مسافةٍ ليستْ ببعيدةٍ منها أعرابيٌ ينشدُ شعراًً يقول فيه :
إذا ذهَبَ الحِمَارُ بأُمِّ عمروٍ** فلا رَجَعَتْ ولا رَجَعَ الْحِمَارُ
،ويُذْكرُ هذا المثلُ إذاولّى عنكَ شخص سبب لك أذى ،أو إذا افتقدتَ شيئاً غير ذى بال أى لاأهميةَ له ولايخُصُّك منه شىءٌ أ و ربما كنت تتمني ضياعَه !
،