الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، والوقت ثروة هائلة مهيأة للجميع، ومن يحسن استخدام هذه الثروة فإنه يوما ما يجني الثمن، ومن لا يجيد استخدامها فإنها يوما ستنقلب عليه، وسيكون من الصعب عليه العودة إلى الوراء، ولا يستفيد إلا من تعلّم الدروس.
ان تعوّد الأبناء منذ الصغر على الاستفادة من وقتهم يفيدهم في حياتهم عندما يكبروا. فقيمة الوقت ثمينة جدا تنبع من أن عمر الإنسان يقاس بما يقدم من أعمال ناجحة، والعمل الناجح بحاجة إلى وقت، والوقت منحة ، وهي بمثابة فرصة يجب عليه اغتنامها ليقدم عملاً نافعاً بأقصر وقت ليتمكن من القيام بعمل آخر في وقت جديد وهكذا .
ان استغلال الوقت يقضي على الكسل ويساعدنا على انجاز العمل المطلوب منا. لذلك كان من الواجب علينا أن نعلم أبنائنا أنهم إذا فقدوا وقتهم ، فتلك خسارة كبيرة لأن الوقت الذي مضى لا يعود ثانية، والوقت الذي يتبعه له أعمال أخرى.
ولأن الأب والأم هم قدوة الأبناء، يجب عليهم أخذ حذرهم في تصرفاتهم العادية ، فلا أحاديث طويلة في الهاتف، ولا زيارات طويلة،ولا جلوس لساعات طويلة أمام التلفزيون أو الجلوس في المقاهي ، ولا قضاء وقت طويل في التزيّن والثرثرة وغيرها .
يستطيع الآباء والأمهات تدريب أطفالهم على الاستفادة من الوقت من خلال وضع خطط لتنظيم شؤونهم ورسم البرامج المتنوعة لهم من مسابقات وألعاب وتدريب، لكي يعلموهم الوعي بقيمة الوقت ابتداء باحترام أبسط الأوقات والتقيد بها كأوقات الطعام والنوم والوقت الحر من لعب ومطالعة ووقت الدراسة والمواعيد.
ويعتبر اللعب وسيلة جيدة لتربية الأطفال على الاستفادة من وقتهم فهو ليس مضيعة للوقت كما يظن البعض لأنه متنفس وطريق يكشف مشكلات الطفل ، ووسيلة ليفهم أهمية الوقت وينجز ما هو مطلوب منه وفي الوقت المحدد.
بالإضافة إلى اللعب يمكن الاستفادة من الوسائل التي تستجد من عالم التكنولوجيا والتي تساعد أبنائنا على التعلم الذاتي والبحث عن المعلومات من خلال الاستعانة بالوسائط المتعددة كالحاسوب وذلك لنستفيد من الوقت بحصولنا على أكبر كم من المعلومات بأقصر وقت متاح .
أما عن السن المناسبة التي يجب أن تتم فيها عملية التدريب على استغلال الوقت بنجاح فيفضل أن تكون بعد سن الرابعة حيث يبدأ الطفل بالبحث عن الحقائق والثوابت والمتغيرات ، فيجب أن يتلقاها في شكلها الصحيح. ومن هذه الثوابت الحرص على الوقت ؛ لذلك فالمناهج التربوية والدراسية لمرحلة الروضة ، وما بعدها يجب أن تحتوي على التربية الزمانية التي تكمن في كيفية ملء وقت الطفل، بما يتناسب وشخصيته ولا يتصادم مع رغباته وميوله.
يجب أن لا نفرط في صغارنا وأولادنا ولا في أوقاتهم لأن العصر الذي نعيش فيه هو عصر السرعة، والسرعة تكمن بكل شيء، وأكثر هذه الأشياء أهمية هو الوقت، إذ لا قيمة للزمن إذا مر دون الاستفادة منه في عمل.
وكما على الآباء أن يعلموا أبناءهم أهمية الوقت، عليهم أيضا أن يطرحوا أمامهم دائما فكرة احترام وقت الآخرين، فلا مكالمات متأخرة أو مبكّرة أو مطوّلة إلا للضرورة القصوى، وكذلك على الآباء تعليم أبنائهم السير دائما وفق أجندة واضحة وجدول يحسب حساب الزمن واسترتيجية الوقت مقابل ما هو أقل منه ثمنا، ويأخذ بعين الاعتبار بجداوله وقت الآخرين والبرمجة المسبقة بالهاتف مثلا الذي هو في أحيان كثيرة أقل تكلفة من الوقت.
والشعوب الآن تهتمّ أكثر ما تهتم بالوقت، فالوقت هو الإنتاج وبالتالي هو المال، والوقت المصروف من العلماء والمفكرين هو وراء كل المكتشفات والاختراعات التي غيرت وجه العالم.
بسمة عُزبي فريحات
ماجستير في التربية/ وزارة التربية