نام المساء على فمي فتكلما = لمّا طواه الصبح أنَّ تلعثما !
وهجٌ على صمتِ الشفاهِ يقول لي = ما كنت أشرقُ كي أبوحَ لِتَفْهَمَا
كم طُفتُ في مدن التمني حالما = وعلى بريق الحلم ذُبتُ توهّما
لا زهوَ لي دومًا أراني غائبا = حتى خياليَ إن بدا لي غيّما
ضوضاءُ عالمنا يفورُ فراغهُ = وعلى صدى الأوجاعِ أطبقَ وارتمى
بوابتانِ من الأسى , وتقهقري = فأمرُّ خوفًا من ورائيَ مُرْغَما
أنا زارعُ الأحلامِ فجرًا ناديًا = وعلى مدايَ أرى مسائيَ قد نَمَا
أنا ما سقيتُ الصبحَ إلا بسمةً = حتى كأنَّ الصبحَ فيَّ تبسّما
لم يعلموا أني إذا زاد الأسى = خبأتهُ تحت السكوتِ تكتّمَا
خلفي أسيرُ لدربِ جيلٍ ضاحكٍ = فأمامَ بابيَ حزنُ جيلٍ خيّما
أنا ما صعدت إلى القلوبِ بزهرةٍ = حتى جعلتُ ضلوعَ صدريَ سُلَّما
كتبٌ تعاتبني وأقلامٌ بكتْ = والحزنُ يقرأُ جملةً كي يرسما
لم اقرأ الأشياءَ إلا بعدما = قالت حروفُ النهيِ (لا) لن أجزما
ما قد عصاني الشعرُ ليلةَ ناسكٍ = شيطانُ شعريَ إنْ أتاني أسلما
الحبُّ همسُ الصامتينَ كأنّهُ = في الكونِ آياتٌ تُرَتّلُ لو سَمَا
في كلِّ عينٍ أغلقوا دورانها = وغدا لسانُ الخوفِ لم يفتحْ فَمَا
جفّتْ شرايينُ الوفاءِ ببلدتي = فرويتُ شريانًا يجافيني دَمَا
وطنٌ ينامُ على حريرِ خدودِنا =إنْ تُسْقطي الدمعاتِ زادَ تألّمَا
دمعتْ قناديلُ الرجوعِ بشارعي = صار الطريقُ إلى ضيائكِ مظلمَا
ما مَرّةً قال الجمالُ أنا هنا = وإذا رآكِ الحُسنُ قالَ وأقسما
إنْ كان حزنيَ فوقَ جرحكِ نسمةً = جمَّعتُ من حزني لجرحكِ بلْسَمَا
لي جنتانِ بمقلتيكِ وذا المدى = إن تُغمضي العينينِ يبدُ جهنّما
ضُمّي رموشَكِ فالفؤاد مقاتلٌ = وبكلِّ رمشٍ كم تدفّأَ واحتمى
لم يبقَ لي إلا مواسم نظرةٍ = إني انتظرتكِ في عيونيَ موسما
يا بسمةً تحت الجفونِ بريقها = يا كم رأيت ضياءها فوق اللمى
لا تحجبي عني انكسارَ تبسّمٍ = فزجاجُ ضحكتنا الأسيلُ تهشّما
حبلُ الوفاءِ على أصابعِ رحلتي = أدمتْ عهودكِ حين أمضي المعصَما
ما زالَ فينا الجهلُ ليلًا طاغيًا = حتى إذا رحلَ الطغاةُ تحكّما
كثرتْ فتاوى الخانعين وأقسموا = من يستبحْ أعراضنا لن يأثما