(التأويل الدلالي وعملية الاستقراء الباطني لفكرة النص الشعري )
(التأويل الدلالي وعملية الاستقراء الباطني لفكرة النص الشعري )
قراءة نقدية لمجموعة (شهرزاد الالف الثالث ) للشاعرة نجاة معله
حين تتحول الطاقة الوجدانية الى القدرة الرؤيوية تتسع مساحات النص لدى الشاعر بقدر هذه القدرة، هذا ما يؤدي الى تحويل هذه الرموز الإيحائية الى المضمون المعنى الذي يؤدي الى توظيف فكرة النص الى المعادل الموضوعي ، أي يصبح الشاعر متمكنا من أدواته الشعرية في شعرية النص الشعري ، عندها يتطابق المعنى الداخلي مع الفكرة التي يريد الشاعر أيصال صوته الشعوري من خلالها ، بكل رموزه والرموز التي تأتي من خلال امتداد المحاور التركيبة ، لكي يعطيها شعوره الداخلي ، وهذا ما وجدته في مجموعة الشاعرة نجاة معله ( شهرزاد الألف الثالث ) حيث تبني جملتها الشعرية وفق هاجس الذات المفعمة بالمشاعر الداخلية ضمن مساحة الرموز التي تعطي دفق حضوري لكل رؤياها الإدراكية . والذي يميز الشاعرة أنها تعرف ماذا تكتب في نسق الوجود الإنساني للمرأة ضمن منهجية الحياة الاجتماعية والإنسانية كحضور فاعل في الحياة ، لها رؤياها رموزها الحيوية حسب تحسسها الوجداني أتجاه كل قضايا المرأة الإنسانة دون زوائد أو غموض ، وهذا يجعل نصوصها الشعرية مفتوحة على التأويل الدلالي ، وهذا يوثر على مشاعرها وعواطفها ويتحول كل هذا الى رؤيا تلازم أنتاج النص وفق الحضور اللساني التعبيري للغة والتي تعطي الأحداث المقاربة بين التأويل الدلالي وعملية الاستقراء الباطني للفكرة والتي بدورها تؤدي الى أعادة ترتيب الرؤى المتماثلة مع المحسوس والمرئي وفق الملكات الذهنية لشخصيتها ، ما يعطي التوافق مع رموز ذاتها الواعية ما يتداخل كل هذا مع قضايا الفلسفة وعلم الكلام . والشاعرة تكون المنظمة لكل رموزها التي تحدثها اللغة في الفعل اللساني من تشبيهات واستعارات كي يحدث الاندماج ما بين الرؤى والمرئيات الصورية ...
نص (حَوَّاءَ وَرِيثَةَ اللهِ )
لِلْمَنْحُوتَيْنِ مِنْ خَشَبٍ /الَّذِينَ يَخَافُونَ هَمْزَاتِ النُّونِ /الْمُنْهِكِينَ مِنْ قَبْلَ الأبتداء /قَالَتْ بِمِلْءِ الرَّوْحِ /أَنَا حَوَّاءُ وَرِيثَةُ اللهِ مُنْذُ فَجْرِ الْأرْضِ /آلِهَةَ الْخَصِبِ وَالنَّمَاءِ /نِصْفِيَّ زُلَالِ عَذْبٍ /وَنِصْفِيَّ الْآخِرِ هَوَاءً /يَتَوَضَّأُ الرُّهْبَانُ بِزَفيرِ أَنْفَاسِي /وَيُصَلِّي فَوْقَ ذَيْلِ عَبَاءتِي /الْفٍ زَاهِدٌ /وَ نَاسِكٌ /وَالَفَ أَلَهُ /يَتَرَيَّثُ النَّدَى الْمُنْسَابُ
فَوْقَ جَدَائِلِيِّ حَذراً /فَيُثِيرُ حَفِيظَةُ الْأَشْيَاءِ /وَالْأَسْمَاءَ /تَدُسُّ شَمْسُ الصُّبْحِ قِبَلَاتِهَا دَفِئَاً
مَتَى أشَاءَ /أَمْدَحُ حِينَ يُرَوِّقُنِي شَجَنَاً /وَأَهْجُو كُلَّمَا يَجْتَازُنِي قَيْظٌ /وَيَلُفُّ أَطْرَافِيُّ خَوَاء /يَتَعَلَّمُ مَنِّيُّ الْمَاءِ سِرَّ هَدِيرِهِ /لأنني عِشْتَارٌ /بِلْقِيسً /وأنا حَفِيدَةَ الْخَنْسَاءِ /عُذْرًا ياأولوا الْأَلْبَابَ /لَوْ تَقْضِمُونَ الْعُشُرَيْنِ مِنْ أنَامِلِ غَيْظِكُمْ /فَلَنْ تُتْقِنُوا الْغَزَلَ الرَّفيعَ /وَلَنْ تُدْرِكُوا عَشق النِّسَاءِ ...! )
ما تفعله الشاعرة في نصوصها هو الارتقاء بكيان المرأة الى مستوى يعطيها ابعاد الحياة بكل مواسمها ، أي تجعل منها الرمز الذي يعطيها بعدها الإنساني من خلال ما حدده التاريخ ، وتكون نصوصها استمرار في توهج الكتابة الشعرية لديها دون انقطاع ، أي أن زمن الكتابة ليس خاضع للحظة الكتابة بل هو مستمر من التاريخ الى زمن الحظة الكتابة الشعرية وبهذا يكون عندها الزمن غير محدد ، وما يجعل نصوصها الشعرية تحمل الكثير من التكثيف والإيجاز ، وتستمر بنصوصها و لا تخرج عن المعنى الذي تريد أن توصله الى المتلقي من خلال أتساع المساحة الشعورية وفق اتأملها المدرك ، وهذا ما يوسع الرؤيا الأحيائية الرمزية ، أي أن الزمن يجتمع عندها عندما تكتب النص الشعري ، لكي تعطي الأبعاد التي ترتبط بالدلالات الإدراكية الخاضعة لمفهومها ضمن مساحة الفكرة النصية عبر قناعاتها وقيمها التي تنتمي إليها من دون أسفاه أو زوائد تخرج النص من الانسياب الذي يطلبه النص الشعري، وهنا في هذا النص تريد أن تبين أن المرأة في كل التاريخ هي رمز العطاء والأنماء والخصب ، و مركز التقديس عند الرهبان والقديسين لأنها ذات قيمة عالية في تحقق الحياة في المجتمع ، لهذا تبقى محط أنظار والتوقير لها ، و تتحدث عن المرأة الحقيقة التي تحتفظ بقيمها ولا تضيعها في كل الظروف التي تعيشها ، وهذا ما يدل على عفتها وطهارتها (وَيُصَلِّي فَوْقَ ذَيْلِ عَبَاءتِي ) وتريد أن تقول عكس ما يتصوره المنحوتون من الخشب الذين لا يمتلكون المشاعر الحقيقة في الحياة أو أن عقولهم متخشبة وهذا رمز الى العقول المتخلفة والجاهلة التي لا تعطي المرأة حقها في الحياة ،مع أنها تمثل حواء وريثة الله من فجر الأرض ، وهي نفسها التي كانت في اول الأرض أي أنها أم البشرية جمعاء ,تبقى هي سيدة الأسماء ومسمياتها في الأشياء (لِلْمَنْحُوتَيْنِ مِنْ خَشَبٍ /الَّذِينَ يَخَافُونَ هَمْزَاتِ النُّونِ /الْمُنْهِكِينَ مِنْ قَبْلَ الأبتداء /قَالَتْ بِمِلْءِ الرَّوْحِ /أَنَا حَوَّاءُ وَرِيثَةُ اللهِ مُنْذُ فَجْرِ الْأرْضِ /آلِهَةَ الْخَصِبِ وَالنَّمَاءِ /نِصْفِيَّ زُلَالِ عَذْبٍ /وَنِصْفِيَّ الْآخِرِ هَوَاءً /يَتَوَضَّأُ الرُّهْبَانُ بِزَفيرِ أَنْفَاسِي /وَيُصَلِّي فَوْقَ ذَيْلِ عَبَاءتِي /الْفٍ زَاهِدٌ /وَ نَاسِكٌ /وَالَفَ أَلَهُ /يَتَرَيَّثُ النَّدَى الْمُنْسَابُ
فَوْقَ جَدَائِلِيِّ حَذراً /فَيُثِيرُ حَفِيظَةُ الْأَشْيَاءِ /وَالْأَسْمَاءَ) وتستمر الشاعرة برسم كل أحساسات الانتمائية للمرأة كعنصر أساسي في الحياة ، رغم أن أنها تعطي دلالات كثيرة لقدسية المرأة لكنها لا تخرج عن التوحد العضوي للنص الشعري و تبقى محافظة عليه ، بجمل تراكبية توصلها الى الغاية التي بنت النص عليه ، حيث يرتقي الرمز كطاقة انفعالية متجاورة لحسها الإنساني الوجودي لفردية المرأة في الحياة وقيمها المتفردة العفة والطهر ،عكس العادات البالية التراكمية الموجودة في المجتمع ، والذي ينتظر للمرأة كأنها من دون مشاعر وأحاسيس لا ككيان يمتلك المشاعر الكبيرة في الحياة ، وهي من تحدد مصيرها في الحياة ولا يحدده الجهلاء والمتحجرة عقولهم ، والأمثلة على هذا كثيرة وهنا تحضر الرموز التي عاشتها المرأة في التاريخ مثل ( عشتار ، بلقيس ، والخنساء ) ، أي أن المرأة لها رموزها الحياة وتعيش الحياة بكل إشراقاتها الحية ، ما جعلها تنبه (عُذْرًا يا أولوا الْأَلْبَابَ (كي ينظروا المرأة كما هي وليس كما هم ينظرون لها ، لأن مهما تغزلوا بالمرأة تبقى هي خارج قواميسهم في الغزل والعشق ، لأنها أرفع من هذا (تدُسُّ شَمْسُ الصُّبْحِ قِبَلَاتِهَا دَفِئَا مَتَى أشَاءَ /أَمْدَحُ حِينَ يُرَوِّقُنِي شَجَنَاً أَهْجُو كُلَّمَا يَجْتَازُنِي قَيْظٌ /وَيَلُفُّ أَطْرَافِيُّ خَوَاء /يَتَعَلَّمُ مَنِّيُّ الْمَاءِ سِرَّ هَدِيرِهِ /لأنني عِشْتَارٌ /بِلْقِيسً /وأنا حَفِيدَةَ الْخَنْسَاءِ /عُذْرًا ياأولوا الْأَلْبَابَ /لَوْ تَقْضِمُونَ الْعُشُرَيْنِ مِنْ أنَامِلِ غَيْظِكُمْ /فَلَنْ تُتْقِنُوا الْغَزَلَ الرَّفيعَ /وَلَنْ تُدْرِكُوا عَشق النِّسَاءِ ...! ) والذي يميز نصوصها رغم أتساع الدلالات التأويلية تكثف جملتها الشعرية دون الوصول بها الى الغموض والإبهام ، بل العكس تكثف جملتها الشعرية من خلال استخدام الرموز المجاورة للمعنى في فكرة النص ورؤيتها الكاملة للحياة وجود المرأة فيها ، وتكون نصوصها ممتدة في بؤرتها النصية وضمن سياق تعظيم الدلالة من خلال التقارب مع المدلول .
نص (أمْرأَةْ بِالْفَصْلِ الْخَامسِه )
أُفٍّ لِي ../ أَنَا الْمَصْنُوعَةُ مِنْ طِينٍ وَمَاءٍ /فَاتِنَةً بِنِصْفِ قَلْبٍ /وَعَيْنَيْنِ تُشْبِهُ الْخَرِيفُ /مُعَلِّقَةً عَلَى مَشَاجِبِ الْهَوَى /أَعُدْ أنوثتي لِلْمَدِّ وَالْجَزَر /كَأَنَّ فواتير الْعُمَرَ لاتعنيني /وَكَأَنِّيِّ لاأبصر زَوَايَا الضَّوْءِ /أَحْدُو جَهْرا /أَسْتَهِلُّ الْمُسَيَّرَ بِحب شَهِيِّ /يُثِيرُ حَفِيظَتُي /أَلَوَّحَ لِلْأيَّامِ مُبْتَسِمَة /عَسَى أَنْ يُعْتِقُنِي الْشوق /فَالْحَظَّ يَشْبِكُ كَفُّهُ فَوْقَ أَضْلُعِيٍّ /وَأَنَا لاأحسن التَّنْجِيم وَعَوَزَ النَّبْضِ /يُنَاصِفُنِي الْأَقْدَاحُ /لِيَقْهَرَ يَقِينِيٌّ /بأختصار /كَأَنِّيِّ قَابَ قَوْسَيْنِ مِنَ اللَّيْلِ /عَلَّقْتُ بِمُنْتَصَفِ الْخَيَالِ /وَمُنْتَصَفَ الْحَقِيقَة / بَيْنَ وَلِعُ يُغَلِّبُنِي /وَحَتْمِيَّةً تَلْهُو بِي /فَوُعُودُ الْفَصْلِ الْخَامسِ لَاذِعَة /لَكِنَّ لَنْ تُثْنِيَنِي /وَسَأُطْلِقُ ظفَائِرِي لِلهوى /
دُونَ أكَتُرَاثٍ )
والذي يميز نصوص الشاعرة نجاة عن بقية الشاعرات أنها تكتب بروح الوجود الفعلي للمرأة من أجل جعل نصها يتمفصل حول الدالة المعنوية التي تريد توصف بها المرأة كإنسانة لها طاقة في التصور والأساس بالأشياء ومسمياتها الحية في الحياة ، أي تجعل من المرأة المركز التكويني في التصور الشعري وفي أيقاع يعطي البعد الدوال التي تريد أن تضمنها في نصوصها الشعرية ، وفي حالة من التوتر الإيقاعي وفي نسق التركيب اللغوي المختار بشكل يحقق ويقارب إحساسها الداخلي أتجاه رموزها الشعرية في الحياة ، وفي نصها هذا تحاول أن تتجاوز ضعف المرأة بكل حالات وتجليها أتجاه شعورها الوجداني الداخلي فتبدأ (أف لي ) لكي تبعد عن نفسها كل ما تشعر بها من مشاعرها الداخلية كونها امرأة ، فهي تجسد الصورة الشعرية ببصرية عالية الدقة، وتؤكد على أنها مخلوقة كبقية البشر مثلما لهم من مشاعر هي تحس بها ، أي أنها جزء من المنظومة البشرية العامة وليس متناقضة معها ولا هي بعيدة عنها ، فهي كما هم مصنوعة من الطين والماء وتملك فتنة الحياة ، لكي لا تجعل الإخفاق هو من يجعلها تعيش الخريف ، لكي تنهي هذه أخفاقات التي تعيشها ضمن زمنية الحياة ، لأن الحياة لم تنصفها أو تعطيها حقها و ما تريد ، رغم كل هذا تحاول أن تحقق الحوارية الداخلية ما بينها وبين ذاتها وما تحمل التصور الصوري وفي نسق منسجم ما بين الرؤيا والدلالة التي أن تمسكها في شعوريتها الحية كإنسانة وكامرأة ، فهي تعيش في مشاعر جارفة أتجاه إحساسها الأنثوي ، لكنها تسكت هذا فهي لا تنظر لزوايا الضوء أي لا تغريها الأضواء وتشتتها ,تحاول أن تكبت الحب الشهي ، لأنه يثير حفيظتها ، ما يجعلها تبتسم على هذا المشاعر لكي تبتعد ولا يأسرها الشوق فكل هذه الأضواء والبهرجة لا تعنيها (أُفٍّ لِي ../ أَنَا الْمَصْنُوعَةُ مِنْ طِينٍ وَمَاءٍ /فَاتِنَةً بِنِصْفِ قَلْبٍ /وَعَيْنَيْنِ تُشْبِهُ الْخَرِيفُ /مُعَلِّقَةً عَلَى مَشَاجِبِ الْهَوَى /أَعُدْ أنوثتي لِلْمَدِّ وَالْجَزَر /كَأَنَّ فواتير الْعُمَرَ لاتعنيني /وَكَأَنِّيِّ لاأبصر زَوَايَا الضَّوْءِ /أَحْدُو جَهْرا /أَسْتَهِلُّ الْمُسَيَّرَ بِحب شَهِيِّ /يُثِيرُ حَفِيظَتُي /أَلَوَّحَ لِلْأيَّامِ مُبْتَسِمَة /عَسَى أَنْ يُعْتِقُنِي الْشوق ) والشاعرة تستمر بمحاولة الانعتاق من مشاعرها لكي تكون متوازنة ومتكيفة مع ذاتها وتكتب ببنية مفتوحة على تحسسها الداخلي لكي لا تنفلت شعريتها عن ما تريد أن تقول من خلال نصوصها الشعرية ، رغم أن الحظ يشبك كفه ، ولكن تخاف من اللحظة القادمة ، لأنها لا تحسن التنجيم وقراءة ما سوف يأتي أي أنها تعيش الشك أتجاه الزمن القادم ، لهذا تبقى تعيش ما بين الخيال والحقيقة لأنها لا ترى الصورة الواضحة أمامها ، مع أن اللوعة تحاول أن تخرجها من أتزانها ، ولا تريد أن تشعر بالإخفاق الكلي تحاول أطلاق ضفائرها للهوى دون اكتراث ، أي أنها لم تعد تشعر بكل مكنونها الأنثوي ، والذي يمنعها من كل هذه المشاعر وهي عقدها الخامس(فَالْحَظَّ يَشْبِكُ كَفُّهُ فَوْقَ أَضْلُعِيٍّ /وَأَنَا لاأحسن التَّنْجِيم وَعَوَزَ النَّبْضِ /يُنَاصِفُنِي الْأَقْدَاحُ /لِيَقْهَرَ يَقِينِيٌّ /بأختصار /كَأَنِّيِّ قَابَ قَوْسَيْنِ مِنَ اللَّيْلِ /عَلَّقْتُ بِمُنْتَصَفِ الْخَيَالِ /وَمُنْتَصَفَ الْحَقِيقَة / بَيْنَ وَلِعُ يُغَلِّبُنِي /وَحَتْمِيَّةً تَلْهُو بِي /فَوُعُودُ الْفَصْلِ الْخَامسِ لَاذِعَة /لَكِنَّ لَنْ تُثْنِيَنِي /وَسَأُطْلِقُ ظفَائِرِي لِلهوى /
دُونَ أكَتُرَاثٍ ) وهذا ما يؤكد أن الشاعرة تجعل من نصها مخاض وجداني أتجاه كل ما تشعر لهذا تكون نصوصها تحمل عمق رؤيوي دلالي بلغة تتسع لرؤيتها الشعوري ومستخدمة الترميز والدلالات المنضبطة بإيقاع تراكمي ضمن حسها الشعري ، فنصها هو معاناة داخليه ، ما يجعلها تحمل صدق ذاتها وانتمائها الإنساني خارج السياق الفكرة العادية أتجاه المرأة .
نص (سَأَكُونُ عَزَاءَكَ الْأوْحَد )
(مارأيك /أَنَّ كَسَرَتْ كُلُّ التَّقَالِيدِ الْبَالِيَّة /وَقَضَيْتُ نَهَارِيَّ بمناجات طَيْفَكَ الْبَعيد /مارأيك /أَنَّ مَنْحَتَ أرْضِكَ الْكَسْلَى مَطَرَي الْأنِيقَ /وَسَمَاءَكَ الْمُوحِشَةَ دَهِشَة /وَأَجْهَشْتُ عَلَى المتبقي مَنِّيٌّ /أَنَحْرَهُ قُرْبَاَنَا لِخَاطِرِكَ الْبَليد لِتَتَفَاخَرُ أَمَامَ الْمَلأ/بِأَنَّكَ قِيسَ زَمَانُك /وَحُضِّنَّكَ يَتْسَعُ لِألْفِ لَيْلَى /جَمِيعَهُنَّ حَوَرِيَاتٍ /يُغْرِيَنَّ بِالدِّفْءِ/يَحْمِلَنَّ الشَّمْسُ لِقَلْبِكَ الْبَارِد /مارأيك /لَوْ أَنَثْرَ أخضراري /فَوْقَ رَوْحِكَ الَّتِي عَاثَتْ فِيهَا الْكِبْرِيَاءَ /وَأَحْمِلُ لَهَا ماتيسر مِنْ شمُوُخِ رُوحِيِّ /تَدَّخِرُهُ لِيَوْمٍ قَدْ لاتراني فِيه/مارأيك /لَوْ تُصْغِي كَمَا ينبغي /وَتَأْتِي بِغَيْرِ قَصْد /لِنَصْنَعُ حُلْمًا عَصِيًّا عَلَى التَّفْسِير /نَقْتَسِمُ رِبَاطَةَ جَأْشِنَا
/وآياتنا الْكُبْرَى فِي الْحُبّ /نُشْرِبُ نَخْبَ لَحْظَاتِنَا الْفَيْرُوزِيَّة /أَكُونُ عَزَاءَكَ الْأوْحَد / ) وَتَكُونُ عَزَائِيُّ الْأوْحَدِ
الشاعرة هنا تحاول التمرد على النسق الوجداني الذي تعيش ، لكي تحقق ما تريد أن تقوله ضمن رؤياها المتوهجة في نسق التحصيل الجمالي في نص متماسك من أجل أيصال الى الدالة المركزية التي تبنيها من خلال نصوصها الشعرية ، أي أنها تكون نصوص شعرية في بؤرة المتحركة ضمن التوحد العضوي للنص الشعري النثري ، وهي تحاول أن تبني نصها من خلال التوصيف الأخر ، لأنها تلامس حسها الوجودي من خلال التوصيف المعنى عند الأخر ، وتبني حوارية المفتوحة على الأخر لكي تحدد ما تكونه في تركيبها الوجداني في وجودية الحياة التي تراها ، أي أنها تخرج من سكونها لتسمع الأخر صوتها الداخلي ، من أجل كسر التقاليد التي تحيطها وتجعلها لا ترى نفسها إلا ما يراها لآخرين ، حيث تبني امتدادها الرؤيوي كحالة من الدلالة المعبرة عن ذاتها فتبدأ بجملة (ما رأيك ) لتكسر الجمود الذي يحيطها من أجل أن أتكسر التقاليد البالية التي لا تعطيها المعنى الذي تسعى إليه ،وتأخذ رموز الطبيعة المقاربة لحسها الوجودي لكي تبين أتساع الدلالة التي تشعر بها ( نهاري ، أرضك ، سماءك ) ، ويكون لديها حالة التأويل الدلالي في منهجية رموزها الحية ،لكي تبين مقدار عطائها في الحياة وقدرتها على إعطاء حياته كل ما يحتاج , بدل أن يختار غيرها و يبني تكبره على الفراغ بينما هي تملك كل مناهج الحياة ، مع أنه دائما يجهش بالبكاء لأنه سيدرك مهما حاول لن يجد مثلها ، فهي تعطيه مالم تعطيه حتى الحوريات ، لكي تبين له مقدار اعتزازها بنفسها وقدرتها على العطاء وكبريائه لا ينفع أمام قدرتها الحية على أن ترد الحياة له فهي تمتلك القدرة أن تعيد له الحياة لو نثرت اخضرارها عليه (ما رأيك /أَنَّ كَسَرَتْ كُلُّ التَّقَالِيدِ الْبَالِيَّة /وَقَضَيْتُ نَهَارِيَّ بمناجات طَيْفَكَ الْبَعيد /ما رأيك /أَنَّ مَنْحَتَ أرْضِكَ الْكَسْلَى مَطَرَي الْأنِيقَ /وَسَمَاءَكَ الْمُوحِشَةَ دَهِشَة /وَأَجْهَشْتُ عَلَى المتبقي مَنِّيٌّ /أَنَحْرَهُ قُرْبَاَنَا لِخَاطِرِكَ الْبَليد لِتَتَفَاخَرُ أَمَامَ الْمَلأ/بِأَنَّكَ قِيسَ زَمَانُك /وَحُضِّنَّكَ يَتْسَعُ لِألْفِ لَيْلَى /جَمِيعَهُنَّ حَوَرِيَاتٍ /يُغْرِيَنَّ بِالدِّفْءِ/يَحْمِلَنَّ الشَّمْسُ لِقَلْبِكَ الْبَارِد /مارأيك /لَوْ أَنَثْرَ أخضراري /فَوْقَ رَوْحِكَ الَّتِي عَاثَتْ فِيهَا الْكِبْرِيَاءَ) وأنها تمتلك من الشموخ ما يجعل روحها تكون في الأعلى لا تخضع لكل ما هو بالي ومنكسر , ما يجعلها تثور ضد الأخر الذي يحاول استيلاب حقها في الحياة ، وتحاول كذلك أن تسكت تمرد الأخر ضدها محاولة بيان صفاتها في تكوين حياة غير خاضعة للحياة العادية بل تريدها خارج كل هذا ، وبعد أن بينت له كم هي تمتلك القدرة الكبيرة على تبديل حياته من دون أن يبحث عن غيرها ، لأنه سوف يخسرها ويخسر كل ما تمتلك من صفات عالية في العطاء ، وتطلب منه أن تتحاور معه ، وتبين له كيف تغير حياته معها ، لأنها سوف تعطيه حلما عصيا على التفسير أي خارج النمط الذي يعيشه ، من أجل كل هذا عليه أن لا يعصيها في كل ما تريد أن تعطيه لأنه سوف يعيش معها حلما ما لا يحلم به وتكون له عزاءه الأوحد وهو يكون عزاءها الأوحد ,هذا ما يحقق الانسجام التام بينهما (وَأَحْمِلُ لَهَا ماتيسر مِنْ شمُوُخِ رُوحِيِّ /تَدَّخِرُهُ لِيَوْمٍ قَدْ لاتراني فِيه/مارأيك /لَوْ تُصْغِي كَمَا ينبغي /وَتَأْتِي بِغَيْرِ قَصْد /لِنَصْنَعُ حُلْمًا عَصِيًّا عَلَى التَّفْسِير /نَقْتَسِمُ رِبَاطَةَ جَأْشِنَا
/وآياتنا الْكُبْرَى فِي الْحُبّ /نُشْرِبُ نَخْبَ لَحْظَاتِنَا الْفَيْرُوزِيَّة /أَكُونُ عَزَاءَكَ الْأوْحَد / ) وَتَكُونُ عَزَائِيُّ الْأوْحَدِ
الذي يميز نصوص الشاعرة نجاة معله ذلك التحسس الوجداني أتجاه صوتها الداخلي ، فتأتي نصوصها مفعمة بالوعي الشعوري أتجاه كل ما تشعر به في حياتها ، بذلك تكون نصوصها حية بكل ما هو مؤثر ضمن أنساق تختارها هي ، لكي تحافظ على جوهر فكرة النص المشبع بالرؤيا الإدراكية للغة ومفرداتها التي تقارب هذا التحسس الوجودي لحضور المرأة وقيمتها في الحياة ، ما يجعل نصوصها حوارية داخلية المتأثرة بما يحيطها من مشاعر أتجاد الأشياء ومسمياتها ، ويجعلها تقارب ما بين كل هذا الرموز التي تكون مقاربة برموزها الداخلية ، وبهذا يكون النص لديها هي رحلة الذات أتجاه المعنى وما يعطي من دلالات تمنو ضمن نسقها الداخلي والرمزي الموحى بكل طرق المقاربة لأسلوبيتها في كتابة الشعر ، وتكون هذه النصوص نسقا خاضعا لكل ما تشعره في الحياة كإنسانه وامرأة لا تحاول أن تخضع لهوية المجتمع الذي لم يعط المرأة حقها بالحياة .
[FONT="Arial"][/FONT]
رد: (التأويل الدلالي وعملية الاستقراء الباطني لفكرة النص الشعري )
سابر الأغوار العميق الرؤى ..أستاذنا الأديب النحرير والعارف الخطير عباس أسعد الله أوقاتك
أسعدني جدا جدا أنك هنا فأنت ثروة معرفية فكرية ادبية
قرأت نصف قراءتك القيمة لهذا النص حواء وريثة الله للشاعرة نجاة معلة
نص مختلف ومغاير ومتميز
وسأعود الى هنا للمتابعة بكل شغف
ولكن شدني الفرح بعودتك فدخلت للترحيب وقرأت فوجدت ما يثير دهشتي وفضولي للمتابعة
لكن عندي عمل ضروري الآن
اهلا بك استاذنا الغالي
التوقيع
أنا شاعرٌ .. أمارس الشعر سلوكا وما أعجز .. أترجمه أحرفا وكلمات لا للتطرف ...حتى في عدم التطرف
ما أحبّ أن نحبّ .. وما أكره أن نكره
كريم سمعون
رد: (التأويل الدلالي وعملية الاستقراء الباطني لفكرة النص الشعري )
قارئ النصوص الأديبة، لا بد أن يتحلى بالعمق والشفافية
ومهارة الغوص حد التبتل في محراب النص الأدبي المعالج
مع امتلاكه أدواته السبرية الناقدة لحرفنة وموضوعية بغية الإفادة والتقويم
شكرا لكم أديبنا الفذ هذه القراءة التحليلية المتأنية والجميلة
رد: (التأويل الدلالي وعملية الاستقراء الباطني لفكرة النص الشعري )
كلما قرأت رؤية تشريحية أو دراسة نقدية لكم قديرنا ،
يزداد يقيني أن العمل الأدبي يكتمل حين يجد عينا تقرؤه بالروح ،
و عقلا يستقبله بالموضوعية . .
شكرا لك أستاذنا الراقي ، و أهلا و سهلا بعودتكم الطيبة
احترامي
التوقيع
ضاقت السطور عني
و أنا..فقط هنا
نشيد جنازتي..يشجيني
رد: (التأويل الدلالي وعملية الاستقراء الباطني لفكرة النص الشعري )
ليس جديا على ناقد كبير كأنت تناول كل حيثيات النص ابتداءً من ثرياه وحتى منهاه، ومضاهاتها بما ورائياته، والقيم المشعورة غير المعلنة، وتناصه مع ذاته، وهنا تأكيد من لدن الناقد على وحدة الموضوع، رغم تحولاته.
فأنا أجيد قراءة حرفك أيها المالكي الواعي.. وحين أقرأ نقوداتك أعيش ازدواجية بين النص والنقد الذي هو برتبة نص فكري، يفرز الوحدات ويقف على المثابات ويؤجج البوح الكامن بين السطور.
سبق وأن كتبت عن نص لي، وكان بمثابة دراسة تحليلية ليس للنص أو مابعده، بل لمسبباته وماهي التمفصلات التي تناولته.
لا أريد إضافة شيء أو تعريف فالمعروف لا يعرّف، ولكني وددت أن أشاركك فرحة التناول، للشعور بالزهو.
دمت معطاءً كبيراً أيها العزيز.
رد: (التأويل الدلالي وعملية الاستقراء الباطني لفكرة النص الشعري )
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عواطف عبداللطيف
الأستاذ الفاضل عباس باني الماكي
عودة جميلة ألى ضفاف النبع
قراءة راقية تستحق التوقف
جعلتنا نكون قريبين من شعر الشاعرة نجاة معلة
دمت بألق
تحياتي
قبل كل شيء مهما أبتعدنا عن هذا المنتدى يبقى هو الحاضر دائما في الذاكرة .. شكرا لمعناك الراقي في أيجاد هذا المنتدى وشكرا لمرورك الرائع أستاذة عواطف ... وافر محبتي وتقديري
رد: (التأويل الدلالي وعملية الاستقراء الباطني لفكرة النص الشعري )
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الكريم سمعون
سابر الأغوار العميق الرؤى ..أستاذنا الأديب النحرير والعارف الخطير عباس أسعد الله أوقاتك
أسعدني جدا جدا أنك هنا فأنت ثروة معرفية فكرية ادبية
قرأت نصف قراءتك القيمة لهذا النص حواء وريثة الله للشاعرة نجاة معلة
نص مختلف ومغاير ومتميز
وسأعود الى هنا للمتابعة بكل شغف
ولكن شدني الفرح بعودتك فدخلت للترحيب وقرأت فوجدت ما يثير دهشتي وفضولي للمتابعة
لكن عندي عمل ضروري الآن
اهلا بك استاذنا الغالي
اهلا بك ومرحبا صديقي الغالي استاذ عبد الكريم ..شكرا على مرورك المعطر بكل هذا البهاء المشرق بالأبداع .. وافر محبتي وتقديري
رد: (التأويل الدلالي وعملية الاستقراء الباطني لفكرة النص الشعري )
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ألبير ذبيان
قارئ النصوص الأديبة، لا بد أن يتحلى بالعمق والشفافية
ومهارة الغوص حد التبتل في محراب النص الأدبي المعالج
مع امتلاكه أدواته السبرية الناقدة لحرفنة وموضوعية بغية الإفادة والتقويم
شكرا لكم أديبنا الفذ هذه القراءة التحليلية المتأنية والجميلة
سلمت حواسكم ودمتم بألق
محبتي
شكرا لك أستاذ البير على مرورك الذي أعطى كل هذا المعنى للقراءة ، وشكرا لحضور البهي .. وافر محبتي وتقديري