اصالة تراثنا الغنائي
الصلة بين العتابة وألأبوذية حسين الهلالي
اغانينا الشعبية هي وحدة مترابطة تمثل واقع هذا الشعب وتعبّر عن عاطفته ووجدانه اصدق تعبيرطيلة تاريخه وممارساته الفولكلورية ،في اعياده الوطنية والدينية والقومية بختلف طوائفه ونسيجه الوطني /ولورجعنا الى جذور هذه الأغاني لوجدنا ان رحمها التي عاشت فيه هو الريف، انحدرت من هناك عن طريق المشافهة، فهي شائعة واصبحت ملك الجميع لاتنسب الى شاعر معين او ملحن،ولو انها صدرت عن شاعر الا ان الشعب حذف منها واضاف عليها ،ولكن لن تفقدها روحيتها ومجدها الذي بنيت عليه كما لن تفقدها اصالتهاالتي انبثقت من ارضها ومن موطنها الآصلي الأول القرية لقد استطعنا في بحثنا الطويل وفي حلقاتنا السابقة ان نصل الى اصول هذه الأغاني واصل قائليها شعرا ،وكما اسلفنا ان اغانينا الشعبيةمترابطة الجذورالا ان هناك ميزات تميزها عن بعضها حسب المناطق الجغرافية، ولكن هذا لايمنع من تزاوجها ولو بشكل محدود، ولورجعناالى المناطق نجد ان غناء الأبوذية نشأ في ذي قار وغناء العتابة والنايل والسويحلي في المنطقة الغربية وفي المناطق الشمالية الغربية، والعتابة على وجه التحديد في مناطق سكنى عشائر الجبور وخصوصا مناطق الحويجة ومناطق ديالى والشمال ومناطق الرمادي حتى عبرت الحدود الى سوريا وألأردن ولبنان واشهر القائلين في العتابة هم
حماد الجاسم الجبوري
والشاعرة فطيم البشر
والشاعر عبدالله الفاضل
واشتهرت الشاعرة فطيم البشر والتي عاصرت حسين العبادي في ذي قار تقريبا بقول هذ الشعر حتى لقبت بخنساء الجبور كونها ( فقدت ولدها خلف وفجعت بأ خيها عاني البشر وحمر البشر ثم فجعت بوفاة اولاد اخوتها ثم زوجها الملا عبد العلي الرمال )
وتقول في ذلك :-
1- انا من شوك كلبي جيت بالدار
بجيت اومالكيت الشرك بالدار
هلي لاترحلون الدار بالدار
شعبتوني وكلبي ماغفا
2- يعبد الهم بلب احشاي وني
3- وحسرتهم تذوب الحجر وني
4- علوّ يوم مد الضعن وني
5- عليل ولاصحيت على الرجا
يحك انّه من الموكد هلينا
حزن من يوم فاركنه هلينا
جثيرة ادموع عل الوجنه هلينا
وبللنا مجاديم الثياب
هلي اهل المحمس والبريجي
وكهوة غيرهم حنظل بريجي
هلي مثل الزواعج والبريحي
ارتمت منها الزلازل جالطواب
والعتابة تتألف من اربعة اشطر تكون الثلاثة الأولى منها بقافية واحدة جناس مختلفة المعنى، اما الشطر الرابع فينتهي بكلمة في آخرها الف، وباء، او الف مقصورة اوالف ممدودة اوالف وتاء هذا وكانت تقرأ على الربابة واحياناعلى المطبك وبعد ان تقرا العتابة في المناسبات والأعياد يغنى النايل والسويحلي وهناك راي يقول:-
(( ان المناطق الجنوبية التي تشيع فيها الأبوذية ماتزال حتى الآن توصد ابوابها بوجه العتابة ومايصاحبها من الأغاني الأخرى المتصلة بها واعني 0السويحلي0 والنايل ذلك يندر نظم العتابا اوغناؤها في هذه المناطق الجنوبية التي تعد المو طن الطبيعي للأبوذية )) ان هذا الراي مخالفا للحقيقة والواقع حيث يوجد العكس من ذلك اذ ان العتابة كانت تغنى من قبل مغنين اصلاء في غناء الأبوذية امثال علي غبين الواسطي الذي غنى العتابة بطريقته الخاصة وسجل ذلك سنة 1926 وهو من مغني الريف الرواد الذي يسكن منطقة ذي قار انذاك والحي وهذا التسجيل لازل نحنفظ به كدليل وكذلك داخل حسن وحضيري ابو عزيز وناصرحكيم وابدعت بغناء النايل المطربة وحيده خليل وكل هذا مسجل على اشرطة اسطوانات ،وهذا يثبت التزواج بين الغناء العراقي في عموم العراق ، نعود الى منطقة ذي قار ونرى نشأت الأبوذية على يد الشاعر حسين العبادي الذي عاصر الشاعرة فطيم وتشير ولادته الى 1797م والفرق بين الأثنين 30سنةحيث سبقته فطيم البشر بثلاثين سنة، حيث عاشت تسعون سنة وكذلك العبادي تسعون سنة ، وقبل مجيء العبادي كانت البستة هي السائدة آنذاك وعندما قال العبادي شعر الأبوذية، وهي لاتختلف عن شعر العتابة من حيث الجناس والتركيبة والبحر فكلاهما من بحر الوافر، فهي تتكون من من اربعة اشطر ثلاث منها متحدة القافية مختلفة المعنى والشطر الرايع ( الرباط) ينتهي بهاء مشددة وهاء مهملة، وقد نسجه على صوت المراة صاحبة الرحة) وعلى طريقة النعي والتي تنتهي كلماتها بياء وهاء مثل / عليه، خيه ، بيه، المنيه وكمانعرف ان اول بيت قاله العبادي هو:-
برخه يلتمعط بروحي وتلهه
وعكبك بيش تتسله وتلهه
حمه آتونه بشوكك وتلهه
غضه ونيرانهه باتت سرية
وغناه بطريقة االنعي
مع تغيير في المدور والصعود والنزول ، وتلقفته الأفواه ذات الأصوات الجميلة وصاغته لحنا ينسجم ومسارب الأهوار وسكانها ،الى ان تبلور واصبح مايسمى بالطور ( المجراوي ) نسبة الى منطقة المجرة في سوق الشيوخ ، استمر حسين العبادي يقول الشعروكان يتناول معظم الأغراض ومنها الغزل ، ففي احدالأيام كان جالسا في بستانه ومرت عليه اربع فتيات جميلات يضحكن بغنج ناداهن وقفن قبالته وقلن له :- ماذا تريد يالعبادي، اجابهن بهذا البيت من الأبوذية
سمرلوبيض معجبني شكلجن
تموجن ماتكللي شكلجن
لون واحد على حالي شكلجن
طريح ابشوكجن وسلال بيه
وانبرت احدهن قائلة
شتبي منه يلعبادي شكلنه
ورد جوري بوسط جنه شكلنه
لون واحد على حالك شكلنه
عصرن الزلف واسكيناك ميه
وانطلق الغناء بهذا الشعر الجميل، ونبغ شعراء كثيرون بعد حسين العبادي في هذه المحافظة، فكثير من زعماء المنتفك انذاك يقولون الشعر بشكل جيد وكذالك عامة الناس، وانطلق الشعر وظهر المبدعون بالغناء وولدت الأطوار التي انسجمت وطبيعة المنطقة فطور الشطراوي نسبة الى مدينة الشطرة وطورالمجراوي نسبة المجرة في سوق الشيوخ وطور الصبي ايضا في سوق الشيوخ والشرقي ناصرية والعراكي في الناصرية هذه الأطوار التي ولدت في المحافظة وامتدت الى كافة انحاء العراق على ايدي مغنون اصلاء امثال داخل حضيري ابو عزيز وخضير حسن ناصرية وناصرحكيم ومحبوب ونبتي
وشخير سلطان وعلي غبين الواسطي ، ان هذا التراث الثر لم يأتي اعتباطا وانما جاء من معاناة الظلم الذي وقع على المجتمع ومن ضمن هؤلاء المغنون فبتداءً من ظلم العثمانيين الى ظلم الأستعمار الأنكليزي الى ممارسات خاطئة من السلطات الحاكمة التي توالت على العراق ، هذهو غناء المنطقة الجنوبية وهو يشكل مساحة كبيرة امتدت الى الرقعة الجغرافية في عموم العراق وامتزجت مع الألحان الأخرى مثل العتابة والنايل والسويحلي في المناطق الشمالية والعربية، هذا هو تراثنا الغنائي المتمازج، لذا يجب الحفاظ عليه وتدوينه تدوينا موسيقيا منظما يلقي الرعاية والعناية من قبل المسؤولين في الدولة، لأن الأمة بلا تراث هي امة بلا هوية
آخر تعديل عواطف عبداللطيف يوم 02-22-2012 في 12:58 PM.
[QUOTE=عواطف عبداللطيف;137894]الاستاذ حسين الهلالي
شكرا لهذه المعلومات عن التراث الغنائي
والتي توضح الصلة بين العتابة والأبوذية
دمت بخير
الاديبة الكبيرة عواطف عبداللطيف المحترمة
البحث عن المنابع الاولى لاغانينا الفولكلورية يعطها
طابع الثبات والصدق خصوصا اذا استقيناها من منابعها الاصليةوالعتابة
والا بو ذية هي جاءت كذلك
شكرا لمرورك على الموضوع
وتقيمك له
ان الابوذيه فن من الفنون الشعبية وترجمة لاحاسيس ومشاعر انسانية عاشها الانسان العراقي خلال حقب متراكمه من الزمن،
فراح يجسد ويترجم معاناته بلهجته الخاصة وحسب الحوار اليومي الذي يدور في منطقته وكثيره هي اللهجات المحليه في المدينه
والريف والباديه وتختلف مفردات حوارها من منطقه الى اخرى . فأبن الريف قد ترجم معاناته بالابوذيه وغيره من الوان الغناء الريفي ،
وابن الباديه ترجم احاسيسه ( بالحدي والسامري والهجيني والمسحوب وغيرها ) .
تتألف من بيتين بأربعة أشطر، ثلاثة منها في جناس
واحد يتحد باللفظ ويختلف بالمعني
وينتهي الشطر الرابع منه بحرفي الياء و الهاء
أما الحان الأبوذية فتسمي أطوار
ولكل طورالنغم الخاص به والقواعد المتفقة علية
والأبوذية هي من بحر الوافر.
والابوذية واحد في وزنه وتركيبه وان اختلفت مفرداته بين حوار المدينة وحوار الريف العامي ،
أي لهجة المدينة ولهجة الريف ،
والابوذية هو من بحر الوافر كما ورد في عروض الشعر . . . للخليل بن احمد الفراهيدي ( مفاعلتن مفاعلتن فعول ) .
أما في حالة الغناء فله اطوار عديدة
والبيت الواحد من الابوذية يستطيع المطرب ان يؤديه
لى أي طور يشاء وللاطوار انغامها ايضاً .
فمن الاطوار ما ينسحب على نغم البيات
وما ينسحب على السيكاه او الحجاز او الصبا وغيرها من الانغام .
اما المشط في الابوذيه:
بالنسبة للمشط في صنعة الابوذيه فهي مجموعة من الابوذيات متصلة الحلقات ومتداخلة
وكل ثلاثة اشطر تليها ثلاثة اشطر اخرى اما الشطر الرابع المكمل للبيت الواحد من الابوذيه
فيأتي في نهاية المشط المؤلف من اربعة او خمسة ابيات وحسب قدرة الشاعر في المواصلة ،
وبالامكان جعل المشط من عشرين بيت واكثر . وتعبر هذه الطريقه حديثه .
الابوذيه المدورة :
بيت الابوذيه المدورة لا يختلف عن الابوذيه المتعارف عليه والمتداول ،
فالبيت الثالث تأتي مبتورة فيكملها الشطر الرابع الاخيرأي انه الشطر الثالث لم يعطنا المعنى الكافي
ولم يوضح لنا ما لشئ الذي جاء .. لكن الشطر الاخير تدارك الامر واكمل المعنى لهذا يسمونه المدور .
الابتكارات في بناء الابوذيه :
المتفق عليه ان الابوذيه التقليدي يتألف من اربه اشطر ثلاثه منها في قافيه واحد متشابهه في اللفظ ومختلفه
في المعني اي تعتمد على الجناس ، لكن هاجس البحث عن الجديد والنزوع الى الابتكار ،
دفعت البعض من الشعراء الى كسر الطوق التقليدي في الكثير من القوالب الشعريه ومنها الابوذيه،
فكتبه البعض من اربعه شطور متجانسه كلها ، اي من جناس واحد .. .
الابوذيه الخماسيه في التجانس :
كما في الابوذيه الثانيه من هذه الصفحه ( حبيبي شيوصلك وانت ثريه). ارجع للأعلى .
ويعتبر الشاعر الشيخ حسين بن علي الكربلائي هو اول من برع في اضافات الشطور المضافه الى الابوذيه
كالتخميس في شطورها او المواصله في نظم العديد من الشطور في نفس البحر
وذلك لكي يضفي على مجالس الطرب مزيداً من المتعه في الغناء .
الابوذيه المنثوره :
يسميها البعض (المطشر) وهي تسميه شعبيه تعني (المنثور) ويمكن غناء المنثور في جميع الاطوار
وهو لايختلف عن الابوذيه التقليديه الا باضافه بعض التفعيلات الى الشطر الثالث
بما يشبه طريقه السجع لاضفاء شيء من جماليه الصنعه الشعريه والتطريبيه ممعاً ،
وهذه الطريقه هي من المبتكرات الحديثه.
التطريز بالأبوذية:
فن التطريز فن قديم تواجد في الشعر العربي الكلاسيكي و تواصل إلى الأبوذية و يقصد منه بأن يبدأ جميع
الأشطر بأحرف إسم معين كإسم الحبيبة أو الصديق أو ماشابه ذلك.
المطلق و المولد:
هاتان التسميتان هما لنمط واحد من الشعر و هو النمط التقليدي للأبوذية و لكن يكمن الفرق بأن الأبوذية المطلق
تأتي من فكر الشاعر و إحساسه كما في هذه الأبوذية.
أما الأبوذية المولد:
فيكتبها الشاعر مستعينا بخيال غيره من شعراء الفصحى و ذلك بأن يبدأ الأبوذية ببيت أو بيتين من الشعر الفصيح
ومن ثم يبني عليهم أبوذيته.