القصيدة رقم (16)
مُري على حزني القديم
أحتاج خطوكِ كى أسير إلى دمي
أو كى أكون الصرخة الأولى لآخر نملةٍ فى رحلة الجندىّ
ولتفتحى شباك فرْحكِ كى أطل على عيونى
أو أعلّق فى الرياحِ صبابتي
.
جرح اهتدائك فى ضياعى نازفٌ
والطين خالف وعده للياسمينْ
يا من عميت لكى أراك على شفاه اللحن ضاحكة .فما ابتسمت شفاهك فى عماىَ ولم يُفتَّحْ ناظري يوما لأمسح فيه حزنك..
فمن الكليم حبيبتي ما بيننا
هى صهلةٌ تكفى تجمّع فيك فرسان الحقيقة
يا من أضعتُ العمر مفؤودا عليك متى سأفرح لو دقيقة
.
ماذا ستمنحنا الرياح سوى الرمال
فهبى الدروب صهيلها وامضي إلىّ
ولتغسلي عنك اشتياقي للسماء
كُونى مجازا باهتا في الظل - يا ظلي - لجرحي المُستعار
ولتعلمي أن الشموس وإن توارت فالنهار هو النهار
كذّبتِ صرخات المسيح على فمي
وصلبتِنا فى جذع لهفتنا إلى اللاشيء
وأنا الذي فتَّتْتُ روحي كى أجمّع للحياةِ حياتها
وسكبتُ حزنى فوق أوجاع القوافي
كى أرى عينيك في وضَح القصيدة تضحكان
فلِمَ استعنتِ علىّ بي حين استرحتُ لخوفىَ الدامي
,
مرّي على حزني القديم وقارني بيني وأحلامي اليتامى
ذلك الطفل الذي قد كان يحلم بالنجوم
جلدتهِ بالليل متهمًا بتنغيص الشموس
****
يا نيل يا عُرسَ البراءة لم نزفّ دموعنا إلا إليكَ
ولم نهاجر عنك خوفا من صدى الأيامِ فينا
لكننا اشتقنا إلى نبعٍ يواري كبرياء الموجِ فى شطآن دمعتنا
أو كى ينُمّ صعيد لهفتِنا عن الكهف البعيد
لِمَ لَمْ نغب إذ أشرقت فينا أناكْ
لِمَ لَمْ نحاول خوفنا منا وشجّعْنا المحال لكى يواجه صبرنا
قالت لى البنت القتيلة قبل عشر سنابل:
فلعلنا ضقنا بأوجاع الأعاصير الكذوبة يا أخ البستانِ
فاتسعت بمهجتنا البلاد
..
الوعد ما علم الطريق لجذعنا
فوأدتِ فى دمنا مسيح الفرْح
,
الريح تصرُخُ أننا مستبعَدون من النسيمْ
من قبل صافرة السباق.
فدعي الشموس فلن تكون هى السبيل إلى صباحِك
ليس من شمسٍ سوى في كف من سقطوا إلى عُليا الحقيقةِ
خبِّريني ما تكون هى الحقيقةُ؟
هل تخبّأت الحقيقة في الصباح.؟
أهْى الحقيقة في الصباح؟
لا يأتي إلا حين يفضح عُرْيَنا
ونقول إن الحقَّ في كف الظلامْ
لنُخبّيء الأشعار عن عين العَروضِ
فما الحقيقةُ؟
في الضياء وعُرينا؟ أم في الظلام مع العمى؟
قالت ويملؤها دمي لما فرغت من الحنينْ
يا أيها الوَسَنُ المضرَّج بالغسقْ
إنا نرى في الصبح شمسا أزهرت
لكن ولست أرى سوى في الليل ما معنى الألقْ
إن الحقيقة في الذي يعمى ليُبْصِرَ نفسه
زمن العمى إن تَعْمَ عنه فأنت أبصرت الحقيقةْ
أبصرتَ عُرْىَ الكاذبين .
ترفو البصيرة كل ما قَطَع البصرْ
والليل ما أحلاه في عين القمر.
,
قل للحبيبة حين يجرحك الهوى
جُرحُ المَحَبة ليس يؤلم عاشقا
,
لم ينمحقْ بدرٌ على هامِ السما
إلا وعاد له الضِيا فتألقا
,
لو لم يكن دمع الفراق بمُرِّه
ما لذَّ للأحباب دمعُ الملتقى
,
إن لم تَهُبّ الريحُ في زهْراتِنا
لا تنتظرها يا أخِي أن تعبُقا
,
صِدْقُ الشجاعةِ أن تموت ولم تزل
تحنو لدَمّك أن تعود ليُهرَقا
,
يا أيها الأعمى استفق.كسّر مراياك الكئيبةْ
لا تنتظر حتى نمكيج روحنا قُدامها
فسَمار حلمك لن يبيَضه المنام
فأفِق من الحلم الكذوب ودع حياتك أن تنام
وارجع لروحك خطوتين تزد خطاك إلى الأمام
ما عاد من عشٍ يربِّتُ يا أخى سَفَر اليمام
والورد مذ مليون شعرٍ لم يدر يوما ببال الطل أو ولَهِ الغمامْ
قل للحمامة حين تفقس فوق غاركَ
لن يجيئكِ من نبيءٍ كى يضمّد خوفكِ العاري
ولا زيتونةٌ يوما ستودع غصنها فى فيكْ
فدعى الحياة لكى "تبيضَ" لكى تبيض" لكى تبيضَ"
فربما يوما نبيع البيض فى سوق المماتِ
ونشترينا
زخرف رحيلك بالقصيدة واسترح فوق الرصاص
واصرخ بوجه الموتِ موتك قادم فينا فأبشر لا مناصْ
مليون جرحٍ مرَّ فينا عيشنا نحتاج جرحا واحدًا لنريك ما معنى الخلاصْ
نم يا أخي وارسم دمانا فوق شريان الزمان
فعسى الشهادة أن تلوّننا بألوان الجنان
ونستعيد بساطة الأزهار من تعقيد ملمحنا الشريد
ودَعِ الربيع ليسترد شذاه من مسك الوريد