ثلاث قصائد للشاعر البولوني زبغنييف هربرت
وسيمة يونس علي
توقف
توقفنا في بلدة،
أمر المضيف بنقل الطاولة إلى الحديقة،
لمعت النجمة الأولى وخبتْ، كنا نقطع الخبز،
وسمعت الجداجد ُ في نزاع الشفق الرخو ِ،
صرخة ولكنها صرخة طفل مختلفة،
صخب حشرات ورجال، رائحة تراب كثيفة،
أولئك الذين كانوا يجلسون وظهورهم إلى الجدار
أبصروا بنفسجة الآن، هضبة المشنقة،
على الجدار لبلابُ الإعدام الكثيف.
كنا نأكل كثيراً
كما هي العادة حين لا يدفع أحد.
2. مقرعة الباب
ثمة أولئك الذين يزرعون حدائق
في رؤوسهم
وتفضي الدروب من شعورهم
إلى مدن بيض ٍ ومشمسة.
الكتابة ُ بالنسبة إليهم يسيرة
يسبلون أعينهم
وعلى الفور تنساب مدارس الخيال
على جباههم.
خيالي
لوحُ خشب
وأداتي الوحيدة
عصا خشبية.
أضرب اللوح
فيجيبني
نعم نعم
كلا كلا
بالنسبة إلى الآخرين جرس الشجرة الأخضر
جرس الماء الأزرق
لديّ مقرعة
من حدائق غير محمية.
أقرع على اللوح بصوت مكتوم
فيحرّضني
بقصيدة الأفاضل الجافة
نعم نعم
كلا كلا
3. ملحمة ألاّ نفنى
أولئك الذين أبحروا عند الفجر
ولن يعودوا أبداً
تركوا أثرهم على موجة
سقطت قوقعة إلى قاع البحر
جميلة كشفتين ِ استحالتا حجراً
أولئك الذين ساروا على طريق رمليّ ٍ
غير أنهم لم يكن في استطاعتهم بلوغ النوافذ ذات المصاريع
رغم أنهم كانوا قد أبصروا الأسطح
وجدوا ملاذاً في جرس ٍ من هواء
لكنّ أولئك الذين يخلفون وراءهم
فقط غرفة ً غدت باردة، وبضعة كتب،
ومحبرة خاوية، وورقاً أبيض
في الحقيقة لم يموتوا تماماً
فهمساتهم تنتقل عبر أدغال ورق الجدران،
ورؤوسهم الحصيفة لا تزال تحيا في السقف
كانت جنتهم مصنوعة ً من هواء،
ومن ماء، ومن كلس ٍ وتراب، ولسوف يسحق ُ
ملاكٌ من ريح رؤوسهم في يده
ولسوف يحملون
فوق مروج هذا العالم.
(*).زبغنييف هربرت (1924 1998): أحد كبار الشعراء البولونيين المعاصرين. نال جائزة تي إس إليوت الشعرية.
من مجموعاته الشعرية، 'وترٌ من نُور ' و'تقرير من المدينة المحاصرَة وقصائد أخرى'، و'السيد كوجيتو'. توفي عام 1998