الأخت الطيبة
الأستاذة عواطف عبد اللطيف ..
كم تأثرت اثناء قراءتي تفاصيل العشاء الخيري الذي حضرتي، و قصة الوالد مع ابنه، والفريق الذي تمت تربيته على الإنسانية، و الأخلاق العالية .. هذه اطفال يمكنها ان تحكم ذات يوم، و تحقق العدالة لشعوبها، هذا هو الجيل الذي نحلم ان نربيه في بلادنا، لنرقى بها، و ننفي عنا صفة الإرهاب، والعنف، فـ يعطوا العالم درساً بالإنسانية التي تربوا عليها، و يكونوا سفراء لعروبتهم، و دينهم الحنيف ..
طالما حضرت مواقف لدى اطفالنا هزتني من الأعماق، و تسائلت عن دور الأهل فيها، هل التربية هي المأكل والملبس و حسب؟ .. اسمحلي لي ان اسرد حكاية على الأقل من مشاهداتي تلك .. كنت و زوجي بزيارة الى بيت اخيه بمدينة تبعد عن عمان بضع عشرات الكليومترات، و المنطقة هناك ضيقة، فـ تركنا سيارتنا بعيداً، و نزلنا الى بيت سلفي سيراً على الأقدام، لفت نظري مجموعة من الأطفال يحاصرون سيارة بك أب .. و ينبهون بعضهم ان ينتبهوا حتى لا تهرب، اقتربت منهم و سألتهم عما يفعلون، فتطوع احدهم لإجابتي، انهم نصبوا محكمة، و حكموا على قطة بالإعدام شنقاً، و لكنها تريد الهرب من الحكم .. كم هزتني كلماتهم، و خشيت على مستقبل بلدي من هذا الجيل .. حاولت ان احدثهم بالمنطق الذي يفهمون، و تركتهم يفسحون الطريق لتهرب القطة بجلدها .. باختصار سردت الحكاية، و هناك حكاوي اكثر .. فأطفالنا يسرقون بيض العصافير عن الأشجار، و فراخها .. يطاردون الكلاب بعصيهم، ووو الخ ... فكيف ربت تلك الأمهات ابناءها، و كيف ربت امهات افراد الفريق اعلاه ابناءها؟..
لست ادري .. فأنا غالباً في حيرة من امري ...
سيدة النبع ..
على ما قرأت هنا ..
و على انك بادئ ذي بدء افتتحتي هذا النبع، و فتحتي أمامنا بواباته على مصراعيها، لندخل من اوسعها ...
خالص التقدير
ميرفت
الغالية ميرفت
في البداية أحب أن أشكرك على تفاعلك الراقي والمميز مع المواضيع
التعامل الأنساني مرتبط بكل المستويات وبكل الحلقات المحيطة بنا
أطفالنا ينامون في الشوارع ويعيشون على مخلفات البيوت في المزابل لعبهم تحولت الى الرشاش والبندقية
يدرسون تحت سياط المعلم وصراخ الأب وعقوبة الأم
لا يعرفون للفرح ولا لبراءة الطفولة معنى
الكل يتحمل المسؤولية فالتربية ليست مأكل وملبس ومباهاة
الغرب يركز على الطفل ويهتم به وتنمية مواهبة وفي الكثير من الاحيان يمنع الأهل من استعمال الشدة معه وهناك ضوابط متعددة لتقف أمام ذلك
وأنا أقرأ ردك خطر في بالي شيء ولكنه ليس مع الأطفال في هذه المرة
كنت مع صديقاتي في سفرة صغيرة في أحدى الحدائق الكبيرة المشهورة هنا
عندما أوقفنا السيارة توقفت بجانبا سيارة كبير نزل السائق ومن معه
فتحوا باب السيارة من الخلف وأنزلوا مدرج خاص ثم صعدوا الى حضن السيارة ونزلوا من على المدرج وكل واحد منهم يدفع بعربة عليها انسان معوق لا يعرف من الدنيا شيء لانه كالمغمي عليه وبدأوا جولتهم بهم لساعة كاملة في الحديقة وهم بدون حراك
اتعرفي لماذا
لإنهم يريدونهم أن يشعروا هؤلاء بمعنى الحياة ويتنفسوا هواء نقي
وأزيدك علم
إن من يدفع العربات هم أناس متطوعين بدون مقابل قد يكون لديهم وظائفهم الكبيرة ومراكزهم المهمة
ولكنهم جاءوا لعمل الخير
من منا هكذا اخبريني بالله عليك
وما دورنا فيمن يكون بهذا الشكل
أطلت عليك بردي ولكن قد أعود مرة أخرى فلدي الكثير
البيت بيتك وأبوابه مفتوحة ويسعدنا ويسرنا ذلك
لك شكري وتقديري
ومحبتي