أخي الحبيب كريم
إنه ليسعدنا في نبع الخير والمحبة أن نلتقي قامة شعرية سامقة مثل الشاعر جميل داري
حيث سيلقي الضوء على الشعر العربي في الآونة الأخيرة
سيما أن له نظرته الخاصة إلى الشعر والأدب والثقافة العربية
..................
السؤال :
في ظل الإنحدار العربي في كل شيء
في الفن والثقافة والحضارة والأخلاق والسياسة ....وكل شيء
كيف يرى شاعرنا الكبير مسألة الخروج من أدنى درجات الإنحطاط التي وصلنا إليها ؟؟؟
لي رجعة
محبتي
أخي العزيز محمد سمير
يعجز البيان في التعبير عن بهجتي بك وبكلماتك الدالة على دماثة خلقك وعظيم تواضع
وكبير ثقتك بقدرتي على خوض خضم الشعر والأدب والثقافة..
أخي الكريم لو عدت إلى العصور القديمة لرأيت المبدعين يذمون عصرهم ويعدونه أسوا العصور
فالمعري كان ناقما على فساد عصره سياسيا ودينيا واجتماعيا في الوقت الذي كان الادب بالف خير وهذا يعني لدي ان انحطاط اي مجتمع في مجالات عدة لا يعني أنه منحط ثقافيا وادبيا ..كذلك المتني ذم الناس والعصر والشواهد الشعرية لدى الشاعرين كثيرة ليس هنا مجال ذكرها..
اما عصرنا فهو كما تفضلت وقلت ففيه من الفساد ما يكفي الكواكب الاخرى ويزيد.. وهذا الفساد ليس وليد هذه اللحظة... فقد تراكمعبر السنين حتى لم يعد بالامكان احتماله... وربما من هنا ترى ثورات الشباب هنا وهناك في ارضنا المنكوبة والمغلوبة على امرها...
اما الثقافة فلم تصل الى هذا الدرك من الاسفاف الذي وصلت اليه القضايا الاخرى التي ذكرتها وان كانت هناك ثقافة انتهازية لكن لا قيمة لها لدى غالبية المثقفين العرب...
ما زال الناس يسمعون الى فيروز ومرسيل خليفة والشيخ امام وسميح شقير غنائيا
وما زالوا يسمعون الشعر الملتزم قضايا الامة فعندما كان محمود درويش يحضر امسية كانت القاعة تكتظ في كل بلد عربي وغير عربي...
وهكذا في مجال الرواية والقصة والمسرح والفنون عامة....
ارى ان الثقافة وحدها هي" خيمتنا الاخيرة "هي سلاحنا الذي به نستطيع فضح الفساد والانحطاط.....هذه الثقافة التي ما تزال تشكل خطرا على القوى الرجعية الساعية الى ايقاف عجلة التاريخ..
المشكلة برأيي لا تكمن في بؤس الادب والفن بل في بؤس الناس الذين فقدوا الثقة بالكلام الذي لم يسهم في تخليصهم من الحال الذي هم فيه... فقد كانوا الى عهد قريب يظنون ان الفردوس الموعود قريب منهم قاب قوسين او ادنى...
زكي نجيب محمود فيلسوف مصري توفي في نهاية القرن الماضي قال قبيل موته:
اني حزين جدا لان القيم التنويرية التي ناضلنا من اجلها لم يتحقق الحد الادنى منها... لا بل كان الوضع في منتصف القرن افضل من آخره..
طبعا هو هنا يدين القمع الذي تعرضت له الثقافة التنويرية على يد الظلاميين
بمختلف فئاتهم
والامثلة كثيرة: نجيب محفوظ..حسين مروة..مهدي عامل وغيرهم كثيرون..
اقول: الثقافة التنويرية ما زالت صامدة في ساح النضال ضد "فقهاء الظلام" الذين تهتز الارض الان تحت اقدامهم....
الادب بشكل عام يلعب دورا ثوريا في حياة الشعوب ..فنحن نعرف ان غوركي لعب دورا في ثورة اكتوبر وهمنغواي في الثورة الكوبية وتوفيق الحكيم في الثورة المصرية ..
ان الادب العظيم سلاح معنوي جبار في يد الجماهير المتعطشة الى الحرية والحياة الكريمة..
ويسعدني ان اختم جوابي المختصر ببيت لبدوي الجبل في المعري:
الدهر ملك العبقرية وحدها لا ملك جبار ولا سفاح
أخي الكريم محمد
ارحب بعودتك المنتظرة واتمنى ان يكون السؤال في الشعر تحديدا فهو مجالي الواسع الذي يمكن ان اتحرك فيه بحرية اكثر
اما السياسة فلها منظروها ومهرجوها وممثلوها على طول الوطن وعرضه
وكن بخير وسلام
ولك الود الجميل
آخر تعديل سفانة بنت ابن الشاطئ يوم 07-25-2011 في 05:24 PM.