في حقيبتي ، قلمٌ وورق وسفر ..
والمسافة مليئة بأغصان الظل الوسيم ..
خطواتي متسارعة كنبضي
والشوارع تعجُّ بالعابرين الذين لا أعرفهم
لا أحد هنا ينتبه لي ..
أو يلقي عليَّ تحية الصباح / المساء
في هذه المدينة / العاصمة
أستعد جيدا للولوج إلى مدن أخرى وعواصم جديدة
ورحلة أخرى صوب أمنية عتيقة ...
في هذه المدينة / العاصمة
حفنة من ذكريات وأحلام تتوارى كشجرة السرو على جبل مدينتي
أجلس في زاوية معتمة في ليل طويل
أجدد البحث عني / عنك
ربما ألمحك في خبايا خيال مسافر بي
هنا أمارس الرحيل في دروب الصمت
وحدي أنا
لا الشمس التي أعرفها وتعرفني تطل من خلف الستائر في حجرة المكان
لا النجم يشبه نجمة الليل في بلدتي وشوارعها الحنونة
في هذه المدينة / العاصمة
أعيد ترتيب حقيبتي مجددا
ربما نسيت أوراقا وقلما ...
ربما نسيت أن أرتّب أفكاري لعناق مدينة أخرى / وعاصمة جديدة
ماذا سيسألني ضابط الأمن يا ترى في أرض المطار
هل سيعيد عليَّ ذات السؤال عن رقم هويتي وتاريخ ميلادي واسم حبيبتي
هل سيفتش في حقيبتي عن أشياء ممنوعة
أم سينشغل وهو يرمق تلك الشقراء العابرة أمامي
أخشى أن يلمحك في ملامح وجهي
ويدرك أنني من مدينة محاصرة ...
ويعلم أنني خرجت خلسة من الحصار دون إذن الحاكم العسكري ...
نعم ...
كان المشوار طويلا جدا
وكانت الرحلة متعبة جدا
وكانت دموع أمي تتناثر / ولا زالت
وهي تعانقني خائفة أن لا يتجدد العناق
في هذا المساء ...
سأجدد السير صوب المدائن
لا أعرف العنوان
ولا وجه صاحب الفندق ولا نوع الطعام
لا أعرف شيئا عن أي شيء ..
ولا أعرف إن كانت الكتابة في تلك المدينة ممنوعة أم مباح منها بعض الحروف
لا شيء أعرف ...
لا أعرف إن كانت كلماتي ستتعرض للمصادرة والتفتيش
أستطيع الآن أن أشرب قهوة الصباح
وأغتسلُ في ما تبقّى من حروف
وأعيدُ تسريح شعري
وأكتب تفاصيل أكثر وضوحا عن رحلتي الجديدة في كل شيء