هذه الشكاوى قطعة أدبية تعبر إلى درجة كبيرة عن نضوج الوعي بأهمية حقوق الإنسان وتربط بين السلطة والمسؤولية.
يتكون النص من تسعِ شكاوى ، تشير كلها إلى إهمال الموظفين لواجباتهم ، واضطراب الأمن ، وضعف الملكية وانتشار السرقات ، وتفشي الغش والخداع ، وانحراف القضاء وارتشائه . وينسب المؤرخون هذه الشكاوى إلى أديب إبان حكم ( نب كارع / خيتي الثالث ) .
تتلخص قصة هذا الفلاح ( خون أنوب ) ، في أنه كان في طريقه من قريته ( حقل الملح ) بضواحي الفيوم ، بتجارة متواضعة ، إلى سوق المدينة للمقايضة ، فمر على قرية ( برفيفي ) ، وهناك احتال عليه نبيلها ( تحوتي ـ نخت ) ـ المنوب عليها من قبل ناظر الخاصة الملكية ( مرو بن رنس ) ـ وسلبه بضاعته ومتاعه وماشيته ، فما كان من خون بطل قصتنا ، إلا أن ذهب ثائراً يهدد إلى ناظر الخاصة الملكية ، مقدماً شكوى ضد نائبه اللص تحوتي ، ليرفعها إلى الملك .
لم يجعل هذا الفلاح الثائر ( خون أنوب ) شكواهُ تعبيراً عن مشكلة خاصة به فقط بل جعلها عامة شاملة ، تتناول حقوق كل الفقراء والمعوزين .
شكاوي الفلاح الفصيح
( I )
إن كبار الموظفين يأتون السيئات
إن الذي ينبغي أن يستأصل الشرور ، إنما يرتكب هو نفسه المظالم
لقد وليت لتقضى فيما بين الناس من خصام ولتعاقب المجرم
وما أراك تفعل شيئاً ، غير أن تناصر اللصوص !!
وقد أولاك الناس ثقتهم فملت في الحكم كل الميل
لقد وليت أمر الناس لتكون حصنا للبائسين
فحذار ، أن يغرق البائس في مائك الجارف
( II )
إن الذي يجب أن يحكم تبعاً للقانون
هو الذي يأمر بالسرقة ! فمن الذي سيعاقب الخسة ؟!
إن من يجب عليه إزالة الفساد ، هو المراوغ !
لقد أصبح الرجل مستقيماً وهو أعوج
ويرضى غيره بسوء حظه
إنك معداوى فعلا ، لكنك فقط تعدى من معه الأجر !!
( III )
يا ابن رنس
هكذا ضل ابن رنس طريقه وصار بوجه أعمى لايرى وأصم لا يسمع.
ضل ضميره طريقه.
اسمع :
إنك بلدة بلا عمدة ، كشركة بلا مدير ، كمركب بلا قبطان
.. إنك تريد رشوة ، ومن يأتي بعدك سيفعل مثلك
لا تنهب ممتلكات الفقير ، لأنك تعرف أنه ضعيف
( IV )
لتسمع :
.. لقد ولّيت لتسمع ! وتحكم بين المتخاصمين
لتعاقب اللص ، لا لتصبح سنداً للص
قد يثق فيك الإنسان لكنك مجرم !!
إنك قد عُينت لتكون سنداً للمعوز وحارساً له كي لا يغرق
لكن انظر : إنك أنت البحيرة التي تبتلعه
.
التوقيع
ممن اعود ؟ وممن أشتري زمني ؟ = بحفنة من تراب الشعر ياورق؟