أحلم أني كنت أتوه في مفارق غابة ورحت أمشي على غير هدى ، غابة غير مخيفة لا مكان للذئبان فيها بل فيها أنواع التغريد المتناغم مع أناشيد النسيم الذي يحرك أوراق الشجر ...وعندما يلامس كتفي غصنا متدليا تتساقط قطرات الندى على وجهي فأشعر ببرودة تمنحي السعادة التي أفتقد جزءا كبيرا منها في الحياة خارج غابتي المصنوعة من أحلامي ... وكثيرا ما وقفت يمامة على يدي تلتقط الحب من كفي ..ورأيت أنها تطير بعيدا وتعود فأدركت أنها تأخذ الطعام لفراخها فتفجرت مشاعر الأمومة في أعماقي وعدت أدراجي اسأل ولدي : ما طعامك المفضل اليوم؟
*****
أحلم أني البلسم الشافي لجروح في أي مكان ، وأتجول في الأصقاع والوديان بعيدا عن القصور الوارفة الظلال .. أتجول في فيافي الصحراء ..في المخيمات الفقيرة في أكواخ تعلن عن فقرها كل وقت..في أماكن جرح الطفل الغافي في حضن أمه أداوي جرحه وأناغي عشقه الأبدي ..أمرّ على قبر صغير لا يتعدى المتر الواحد فأمسح دمعة أم تذرفها وهي تقول له : يا ولدي قتلك الطغاة لأنك تحاول استرداد وطن مسروق.
*****
أحلم أن لعبة طفل يعابثني ، ويضحك من بلاهتي ، ويرميني ، ويعيدني إليه ، يحضنني في كل وقت وخاصة حينما يغزو النوم عينيه وأمه تداعب غرته ، وهو يرفض أن يترك لعبته الجميلة فنغفو سوية ... وعندما يغفو أكون حزينة لأن أمه ابعدت اللعبة عن حبيبها ولكنني أفرح لأنها ضمته ونامت قربه ، وعندما لمست جبينه فتح عينيه وهو نائم وابتسم ثم عاود إغفاءة الحلم الجميل .
*****
أحلم أني غرابا أنعب في القصور الشاهقة لأنها تتعبني برحلة الصعود إلى سطحها وأكرر النعيب كل يوم لأبعت فيها الشؤم لأنها تطاولت كثيرا عن بيوت أخرى بجانبها لا ترسم إلا الظل القصير على الأرض فاغضب من هذه الفروق الكبيرة بين البشر ، لأنهم يتغنون بالعدل ولا يقيمونه ، يتشدقون بالمساواة ويقيمون الفروق الكبيرة.... يتفاخرون بالسرقات التي بنوا فيها قصورهم التي وضعوا في منافذها الستائر كي لا نرى ماذا يفعلن ... وأنعق في مناحيها لعل الشؤم يأتيها فتصغر لتحقق العدل في الارتفاع مع البيوت المجاورة .
التوقيع
وما من كــاتب إلا سيفنى … ويبقي الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شي... يسرك في القيامة أن تراه