سرى مع الليل فيه الكون يحتفلُ = هذا الذي فيه كلّ الشعرِ يُرتجلُ
مهاجرُ في مدى صحراءِ غربتِه = وليس إلا رمالُ الصبرِ ينتعلُ
فأشرق النور في الظلماء وابتهجت = به الفيافي وصاحَ الغار إذ وصلوا
أقام في الغار حتى هزّه مَلكٌ = فمدّ جسرَ العُلا فيه العِدى ذُهلوا
قاموا وصار الردى منهم على قدمٍ = ومن كؤوس أمان الله قد نهلوا
نسْجٌ تدلّى حبيكاً بانَ إذْ وقفوا = وقد غشاهم لمرأى لمحِه الخطلُ
هاجرت لله لما ضاق واسعها = والشرُّ عم المَلا واستفحلَِ الدجلُ
مذ كان والناس في دنياه في عبثً = كانَ الأمينَ وكانَ الكلّ يعتزلُ
ومنذ أنْ قال كُنْ أرسى لدورتها = وشالَ في عمدٍ والكون يعتدلُ
مضيتَ من رحمٍ تنمى إلى رحمِ = ولم تغبْ عنه في الأصلاب تنتقلُ
ومنذ أن جئت وعْداً أُسرجَت هممٌ = إلى الشموسِ وصلّت بعدك الرسلُ
فقلتها ملءَ فاه الدهر تمزجها = بالعنفوانِ غَدَا في قولك الجَدلُ
ومنذ أنْ كنت عند الغار مبتهلاً = تقيم فيها صلاة الله يا رجلُ
لم تكترثْ وقريشٌ أُمطرت حنقاً = ما شاب عزمُك وهنٌ أو سرى الكللُ
خرجْت تسعى ليغدو حرُّها بَرَدا = فقلتَ يا نار كوني حشدهم كُتلُ
ضاق السبيلُ وكان اللهُ ناصرَكم = ولا صديقُ ولا خلٌّ لكم يصلُ
تسابقتْ خيلُهم للريحِ تسبقُها = لها جُماحٌ بعزمِ اللات تتـّكلُ
كانوا وأثبتهم في النازلات يداً = حتّى إذا ما رأى الصدّيقَ ينخذلُ
فالمارقونَ على آلاءِ شرعتنا = حتى إلى أضعفِ الإيمانِ ما وصلوا
وقفتَ وحدك فرطَ الهولِ تدرؤه = وقد تساوى لديكَ الموتُ والأملُ
ومنذ أن كان قطب الأرض منثلما = كنت الحزام لمن أوهاهمُ الوجلُ
فكان صوتُك صوتاً كلّه عبرٌ = وصوتُ غيرك لا قالوا ولا فعلوا
أصداؤه ملأت هذي الدنا ألقاً = ووحدكَ الظلّ فينا ظلّه ظُللُ
والآخرون بلا ظلٍّ ظلالُهم = وجذعكَ السيف فوق الغيم يتّصلُ
ومنذ أنْ صرت خطّ الله دورتَه = فنجانُ عمركَ مكتوبٌ به الأجلُ
للأرضِ قطبٌ وقطبُ الأرض مالؤها = الواهبونَ رَداها _لو علت _ مقلُ
الطالعين شموساً في غياهبها = والناذرين دماً واللهِ ما بخلوا
حدّ اشتعالِ نياط القلب عشقُهم = هُمو الرجالُ وفيهم يصدحُ الأزلُ
يسّابقونَ حفايا للوغى شُهباً = ويركبون متونَ الريحِ لو حَملوا
***=***
يا سيّدَ الرّسلِ يا نوراً يجلِّلنا = لهُ المداراتُ دارٌ والسّما نُزُلُ
يا كلّ حبّ شربنا دفقَه ظمأ = الشوقُ جرحٌ بنارِ الوجدِ يشتعلُ
لأجلك الروح والأولاد ننذرها = فمُرْ تجدْها إذا أومأتَ تنبذلُ
إرْكب لظى الموتِ خوّاضون لُجّته = وسوِّ أمرَ الذي في ردّة دخلوا
هذا مدارُك فاطلع من دياجرِها = فأنت وحدك مَن تُحدى له الإبلُ
ماذا عليك يقول الشعرُ يا رجلاً = به جميع رجالِ الأرض تُختزلُ؟
يا أيها الثابت الأعلى أرومتُه = سمقتَ قدراً وطابَ الأصلُ والنسَلُ
يا ما إليك أوَتْ خُمصاً بطونُهم = بالجذع هزّوا جياعاً فارتوَت مِللُ
يا ما سعيتَ لدفع الشرّ مقتدرا = تهبُّ فرْدا وقبلَ وصولهم تصِلُ
يا سيّدي أنتَ بل يا واقفاً جبلاً = ودون هامتِه قد يزحفُ الجبلُ
للآن مذ جئتَ والأقلامُ ما سكتتْ = وكلّ ثغرٍ بحلوِ الشكرِ يبتهلُ
ومنذ ألفٍ بنا مرّت مواكِبةً = دنيا الفخارِ توشّي زهْوَها الشّعلُ
وقفتُ حيث أنا والهمّ يجلدني = من روعةِ الذكرِ أشدو نابني الخجلُ
وهزّني أنْ رأيتُ الأمسَ منخذلاً = وأنّ عزّا لنا مِن لهوِنا خذلوا
شادوا تخوماً وهمْ للمجدِ كم دأبوا = شوسُ الجدودِ وفينا عشْعشَ الكسلُ
يا سيّدي هل رأيتَ اليومَ من وطنٍ = حتى بمَن طعنوا جنبيْه يأتملُ
قل للذين نضوا أثوابَ عزّتهم = أقزامُ أمريكا إذا يوماً بنا سألوا
كيفَ العراقُ عزيزٌ كله أنَفٌ = أهلوهُ لم يخلعوا ثوباً وما سفِلوا
كما خلعتمْ بدعوى أنّها خِرقٌ = وهمْ بصبرِهمُ عانَوا لِمَا احْتملوا
بغدادُ هذي التي حبّا قد احتضنتْ = شمسَ السماواتِ فيها قصّرتْ جُمَلُ
فالتافهونَ عداءً مزّقوا بلداً = لله ظلّ بماءِ الصبرِ يغتسلُ
فكم أُعِدّتْ لنشكو الظلمَ جامعةً = من التقاريرِ فيها يَحتفي هُبلُ
أدري ارتجافاً عَرى حتّى مفاصلَهم = فصابَهم ويْحَهم من جبنِهم شللُ
أهلي هُمُ الجرحُ محفورٌ بذاكرتي = يذكّر النشءَ مَنْ منهم لها اعتجلوا
تناسَلوا من دمٍ حقداً فأورثهم = غيظاً بكل مدارِ الأرضِ يقتتلُ
هذا العراقُ نزيفُ لم يزلْ غدِقاً = فامسكْ جراحَك واسرعْ أيها البطلُ
إذْ كانَ يظمأُ والأعرابُ مترعةٌ = تعبُّ من مائِه الصافي وتنتهلُ
ياما سقاهُمْ فراتاً عندما عطشوا = مِن تمرِه الحلوِ كم ذاقوا وكم أكلوا
وراح يدفعُ ريحَ الموت مذ عصفَتْ = كي لا إلى أرضِهم بالويلِ تنتقلُ
مُدى ثلاثين ما انفكّت تطاعنُه = للآن فرطَ اشتعالٍ ما بهم شعلوا
أقولُ بغدادَ ما جاؤوا لنصرتِنا = تقولُ أدري ولكن بيتُهم دَخلوا
هو العراقُ عظيمُ في مهابتِه = كلُّ المهبّاتِ في شطَّيهِ تنخذلُ
ما زالَ جرْحاً يُلاوي عسرَ محنتِه = وفيهِ كلّ شيوخِ العارِ تنتحلُ
قدّوا القميصَ فشالَ الدهرُ من دُبرٍ = وبانَ منّا الذي ما ضمَّتِ الحِيلُ
يا أمّة عَقمَتْ أرحامُ نسوتِها = منْ أنْ يجيءَ لنا في مثلِه مثلُ
يا سيِّدَ الرّسْلِ عذراً فيّ قافيتي = شطّت فما زالَ فيك الكونُ ينشغلُ
سرى مع الليل فيه الكون يحتفلُ = هذا الذي فيه كلّ الشعرِ يُرتجلُ
مهاجرُ في مدى صحراءِ غربتِه = وليس إلا رمالُ الصبرِ ينتعلُ
فأشرق النور في الظلماء وابتهجت = به الفيافي وصاحَ الغار إذ وصلوا
أقام في الغار حتى هزّه مَلكٌ = فمدّ جسرَ العُلا فيه العِدى ذُهلوا
قاموا وصار الردى منهم على قدمٍ = ومن كؤوس أمان الله قد نهلوا
نسْجٌ تدلّى حبيكاً بانَ إذْ وقفوا = وقد غشاهم لمرأى لمحِه الخطلُ
هاجرت لله لما ضاق واسعها = والشرُّ عم المَلا واستفحلَِ الدجلُ
مذ كان والناس في دنياه في عبثً = كانَ الأمينَ وكانَ الكلّ يعتزلُ
ومنذ أنْ قال كُنْ أرسى لدورتها = وشالَ في عمدٍ والكون يعتدلُ
مضيتَ من رحمٍ تنمى إلى رحمِ = ولم تغبْ عنه في الأصلاب تنتقلُ
ومنذ أن جئت وعْداً أُسرجَت هممٌ = إلى الشموسِ وصلّت بعدك الرسلُ
فقلتها ملءَ فاه الدهر تمزجها = بالعنفوانِ غَدَا في قولك الجَدلُ
ومنذ أنْ كنت عند الغار مبتهلاً = تقيم فيها صلاة الله يا رجلُ
لم تكترثْ وقريشٌ أُمطرت حنقاً = ما شاب عزمُك وهنٌ أو سرى الكللُ
خرجْت تسعى ليغدو حرُّها بَرَدا = فقلتَ يا نار كوني حشدهم كُتلُ
ضاق السبيلُ وكان اللهُ ناصرَكم = ولا صديقُ ولا خلٌّ لكم يصلُ
تسابقتْ خيلُهم للريحِ تسبقُها = لها جُماحٌ بعزمِ اللات تتـّكلُ
كانوا وأثبتهم في النازلات يداً = حتّى إذا ما رأى الصدّيقَ ينخذلُ
فالمارقونَ على آلاءِ شرعتنا = حتى إلى أضعفِ الإيمانِ ما وصلوا
وقفتَ وحدك فرطَ الهولِ تدرؤه = وقد تساوى لديكَ الموتُ والأملُ
ومنذ أن كان قطب الأرض منثلما = كنت الحزام لمن أوهاهمُ الوجلُ
فكان صوتُك صوتاً كلّه عبرٌ = وصوتُ غيرك لا قالوا ولا فعلوا
أصداؤه ملأت هذي الدنا ألقاً = ووحدكَ الظلّ فينا ظلّه ظُللُ
والآخرون بلا ظلٍّ ظلالُهم = وجذعكَ السيف فوق الغيم يتّصلُ
ومنذ أنْ صرت خطّ الله دورتَه = فنجانُ عمركَ مكتوبٌ به الأجلُ
للأرضِ قطبٌ وقطبُ الأرض مالؤها = الواهبونَ رَداها _لو علت _ مقلُ
الطالعين شموساً في غياهبها = والناذرين دماً واللهِ ما بخلوا
حدّ اشتعالِ نياط القلب عشقُهم = هُمو الرجالُ وفيهم يصدحُ الأزلُ
يسّابقونَ حفايا للوغى شُهباً = ويركبون متونَ الريحِ لو حَملوا
***=***
يا سيّدَ الرّسلِ يا نوراً يجلِّلنا = لهُ المداراتُ دارٌ والسّما نُزُلُ
يا كلّ حبّ شربنا دفقَه ظمأ = الشوقُ جرحٌ بنارِ الوجدِ يشتعلُ
لأجلك الروح والأولاد ننذرها = فمُرْ تجدْها إذا أومأتَ تنبذلُ
إرْكب لظى الموتِ خوّاضون لُجّته = وسوِّ أمرَ الذي في ردّة دخلوا
هذا مدارُك فاطلع من دياجرِها = فأنت وحدك مَن تُحدى له الإبلُ
ماذا عليك يقول الشعرُ يا رجلاً = به جميع رجالِ الأرض تُختزلُ؟
يا أيها الثابت الأعلى أرومتُه = سمقتَ قدراً وطابَ الأصلُ والنسَلُ
يا ما إليك أوَتْ خُمصاً بطونُهم = بالجذع هزّوا جياعاً فارتوَت مِللُ
يا ما سعيتَ لدفع الشرّ مقتدرا = تهبُّ فرْدا وقبلَ وصولهم تصِلُ
يا سيّدي أنتَ بل يا واقفاً جبلاً = ودون هامتِه قد يزحفُ الجبلُ
للآن مذ جئتَ والأقلامُ ما سكتتْ = وكلّ ثغرٍ بحلوِ الشكرِ يبتهلُ
ومنذ ألفٍ بنا مرّت مواكِبةً = دنيا الفخارِ توشّي زهْوَها الشّعلُ
وقفتُ حيث أنا والهمّ يجلدني = من روعةِ الذكرِ أشدو نابني الخجلُ
وهزّني أنْ رأيتُ الأمسَ منخذلاً = وأنّ عزّا لنا مِن لهوِنا خذلوا
شادوا تخوماً وهمْ للمجدِ كم دأبوا = شوسُ الجدودِ وفينا عشْعشَ الكسلُ
يا سيّدي هل رأيتَ اليومَ من وطنٍ = حتى بمَن طعنوا جنبيْه يأتملُ
قل للذين نضوا أثوابَ عزّتهم = أقزامُ أمريكا إذا يوماً بنا سألوا
كيفَ العراقُ عزيزٌ كله أنَفٌ = أهلوهُ لم يخلعوا ثوباً وما سفِلوا
كما خلعتمْ بدعوى أنّها خِرقٌ = وهمْ بصبرِهمُ عانَوا لِمَا احْتملوا
بغدادُ هذي التي حبّا قد احتضنتْ = شمسَ السماواتِ فيها قصّرتْ جُمَلُ
فالتافهونَ عداءً مزّقوا بلداً = لله ظلّ بماءِ الصبرِ يغتسلُ
فكم أُعِدّتْ لنشكو الظلمَ جامعةً = من التقاريرِ فيها يَحتفي هُبلُ
أدري ارتجافاً عَرى حتّى مفاصلَهم = فصابَهم ويْحَهم من جبنِهم شللُ
أهلي هُمُ الجرحُ محفورٌ بذاكرتي = يذكّر النشءَ مَنْ منهم لها اعتجلوا
تناسَلوا من دمٍ حقداً فأورثهم = غيظاً بكل مدارِ الأرضِ يقتتلُ
هذا العراقُ نزيفُ لم يزلْ غدِقاً = فامسكْ جراحَك واسرعْ أيها البطلُ
إذْ كانَ يظمأُ والأعرابُ مترعةٌ = تعبُّ من مائِه الصافي وتنتهلُ
ياما سقاهُمْ فراتاً عندما عطشوا = مِن تمرِه الحلوِ كم ذاقوا وكم أكلوا
وراح يدفعُ ريحَ الموت مذ عصفَتْ = كي لا إلى أرضِهم بالويلِ تنتقلُ
مُدى ثلاثين ما انفكّت تطاعنُه = للآن فرطَ اشتعالٍ ما بهم شعلوا
أقولُ بغدادَ ما جاؤوا لنصرتِنا = تقولُ أدري ولكن بيتُهم دَخلوا
هو العراقُ عظيمُ في مهابتِه = كلُّ المهبّاتِ في شطَّيهِ تنخذلُ
ما زالَ جرْحاً يُلاوي عسرَ محنتِه = وفيهِ كلّ شيوخِ العارِ تنتحلُ
قدّوا القميصَ فشالَ الدهرُ من دُبرٍ = وبانَ منّا الذي ما ضمَّتِ الحِيلُ
يا أمّة عَقمَتْ أرحامُ نسوتِها = منْ أنْ يجيءَ لنا في مثلِه مثلُ
يا سيِّدَ الرّسْلِ عذراً فيّ قافيتي = شطّت فما زالَ فيك الكونُ ينشغلُ
***
ألقيت في الإحتفال الجماهيري الذي أقامه البيت الثقافي في حديثة بمناسبة الهجرة النبوية 5/12/2011
آخر تعديل عواطف عبداللطيف يوم 08-20-2012 في 01:18 AM.