المُدِير
دَلف المُوظف الى مكتب المُدير الجديد وفى يده ورقة، فوجده جالسًا فى انتظاره، حَيّاهُ بحرارةِ االمُشتاق لرؤياه. وأردف قائلاً: أود تَنْوِيرك عن المُوظفين فى هذا القسم . تناول المدير الورقة وسأله: حَدثنى عن أسامة مصطفى
اعتدل الموظف فى جلسته كمن يحمل سِرًا خطيرًا وقال: أسامه موظف كسول يقضى دوامه نائمًا على طاولته..و
قاطعه المدير: وماذا عن مجاهد العربى؟
ـ مجاهد يتسم بالفوضى والتهريج و ويتقاضى أعلى راتب دون إنجاز عمل..
وحسام يحل الكلمات المتقاطعة.. وصلاح دائم الخروج من الدوام، والهادى ...وسليمان....وابراهيم ..و...و...
واستمر المدير يتلوا له فى الأسماء وهو يَصِف زملائه بكل الصِفات التى تنتقص الموظف، فاندهش المدير وسأله: وماذا عن نفيسة أحمد فى الإرشيف
ضحك مقهقها حتى بانت نواجذه ثم قال ساخرًا:نفيسة..نفييييسسسة هذه تأتى ثم تخرج مسرعة بحجة ساعة الرضاعة حتى بلغ ابنها السابعة من عمره ـ واستمر فى الضحك. فنظر اليه المدير من فوق نظارته السْمِيكه مُقطب الجبين وأردف: هل هناك موظف لم تخبرنى عنه فأجابه: لا...وهو فرحًا كأنه أنجز واجبًا مقدسًا .
ونظر اليه المدير من فوق نظارته السميكة وزجره قائلاً: وماذا عنك أنت أيها الثعلب؟ وماذا تريد؟
قفز وقفا واندفع نحو الباب مسرعا، حانت منه التفاته فرأى ابتسامة المدير الساخرة التى ظلت تلاحقه. وذاب وسط الموظفين مُختبئًا.
بِنْت النَاظِر
ورِثَت جِينات مُشاكِسة من أمها الأفريقية، جعلتها مختلفة عن بقية الطالبات، كانت فى غايةِ الجَمال وفوق ذلك كانت ترتدى الزِىّ المدرسى قصيرًا جدًا لتبرز جمال ساقيها. وتكشف عن جيدها الغزال والشَعر المُسدل حتى نهاية زيها المدرسى. تمشى فى الأرض الهِوينا تتبعها العيون العاشقة ممهدة لها الطريق تحس بهم ثم تضحك بغنج ودلال. موسى معلم الرياضيات كان قد جَمع وطَرح معها علاقة حُب أنسته ثلث الثلاث كم يساوى. فصار جُل يومه يجلس مع مُعلم اللغة العربية حتى ينتهى من تفصيل القصيدة التى طلبها منه مُفصلة على جمال بنت الناظر ليبثها عِشقه. تسربت القصيدة من عاملة النظافة الى مكتب الناظر تود التقرب اليه فحدثت الفتنة . جمع الناظر الطالبات والمعلميين واستشاط غضبًا وهو يخطب فى الجَمع مُبيّنا دور المُعلم فى التربية والتعليم ونَسي دَوره..!.
سَعيد السَعِيد
جاءت تهز الأرض تحت أقدامها بخطواتها المُسترجلة كأنها عسكر فى طابور صباحى، فقد نما لها شارب مثل رجال الحىّ. ولها صوت جهورى تخشاه حتى الحيوانات وتفر هاربة ، كل أهل الحىّ يهابونهالذلك لم يتقدم رجل للزواج منها هى بنت العمدة الوحيدة التى سترثه. الا الوافد الجديد الذى ظهر فجاءة وانتبذ ركنا قصيا تحت شجرة النيم الظليلة قرب المسجد الكبير، إنتبه الأهالى اليه عندما سمعوا ضحكاته التى تشق عنان السماء فى نوبة هستيريه عند بزوغ كل فجر مختلطة بنباح الكلاب. هل يحلم هذا المعتوه؟ هذا السؤال المكرور فى الحىّ. وقفت أمامه المسترجلة بنت العمدة تسأله: هل بِك مَس من الشيطان؟ ما الذى يضحكك هكذا وأنت مُشرد لا تملك من حطام الدنيا غير هذا الجَسد النحيل المُتسخ.
رفع رأسه ومن خلف جفنيه المتهدلين برزت عيْناه مليئة بالدموع إثر القهقة، وسائل أبيض مُصْفر يجرى من فتحات منخريه ويلتصق بشفته العليا. شمْرت عن ساعديها المَفتُولى العضلات وهجمت عليه زعطًاً ومعطًاً حتى انهار وصار يبكى ويتوسل اليها أن تتركه سوف يخبرها بسره. فأفلتته فتراجع للخلف حتى كاد يسقط، ثم قال لهامقهقهًا: أنا سعيد السعيد..أضحك تضحك الدنيا معى.واصل فى ضحكه المجنون ، إحتارت فى أمره نظرت اليه مليًّا، شئٌ ما جذبها اليه.فرقّ قلبها القاسى، وشعرت لأول مرة باحاسيس مبهمة مريحة،
وهمهمت مع نفسها: هو سعيد وضحكاته صادقة؟لماذا ننزعج من ضحكاته ؟ حكم القوى على الضعيف ـ هزت كتفيهاـ ثم ضحكت مقهقة واغمضت عينيها. وعندما التفتت اليه ليُشاركها عدوى الضحك لم تجده.