أن أسمع الأغنية التي تردني إلى أسعد أيامي ، تلك المنسوجة بخيوط السحر على أثير النفس ؛ التي تلقيني في ساحات ذلك الماضي الغرِّيد فكأنما أعيشه في التو ، فيما أنا في أشد أيامي سواداً ، أو قريب العهد بأشدها سواداً .
فتلك حالة لا أملك أن أصفها ، أو أصف ما اختلج بين جوانحي ساعتها ، لكنني أملك أن أقول إنني أحسست فيما أحسست انتصاراً للسعادة و ذكرها النابضة بالحياة وسط قلبي المعنى على معا
ني القهر و الضياع التي خلتها عششت داخلي و اطمأنت بعدما تخذته سكناً و مأوى ، فإذا هي لا تملك من أمره شيئاً ، و إذا بها تجرفها أولى نسائم الذكرى التي تمر به و تدعها نسياً منسياً .
بلحن و كلمة ... يغدو السواد بياضاً ، و ينقلب التبلد شعوراً ، و يؤول الضياع إحساساً و إدراكاً ، و يحلق المرء في عالم مجنح من الخيال الخفاق و هو ما يزال جسداً على أقدامه في ظلال اليوم ، بل يصل إلى أن يحسب ذلك الماضي الشاعري ختام أمره ، و ليس إلا من خطوات أول الطريق .
تلك ( كان ) ... تلك التي بها ( يكون ) و ( سيكون ) ، فإن لم يكن للمرء في أعماقه مأوى منها يخبئ فيه نفسه كلما دارت بها الدوائر ، فهو على شفا جرف هار يوشك أن يهوي به بعيداً عن معاني إنسانيته ، تلك التي إن أضاعها صاحبها فهيهات منه أن يبقى كما خلقه الله .... في أحسن تقويم .
التوقيع
الأديب هو من كان لأمته و للغتها في مواهب قلمه لقب من ألقاب التاريخ