مناجاة 1 يتسربلُ الليلُ بالشّعرِ، وبك، وبطيف الدّروبِ التي حاورت صَخب الرّياحِ ، وصمت الغمام الحزين يتسربل الليلُ بالشّعر ، وبك، وبذكريات نشيدٍ ، حمّلهُ الطّغاةُ وزر ثلاث حروب وحصار ، وعذاب نخيل تشظّى بين خطايا الملح وصحاري الجراح . فقم أيّها الشّاعر .. لاتنبش التّاريخَ بحثا عن معزوفةِ الفينيق والرّماد لاتسل الرّواةَ عن أغانيّ الفقراء .. لاتدقّ نوافذ قطارات الرّاحلين؛ باحثا عن لونٍ عاث في عيون السّكارى سهدا وجرحا وضياعا في بريد المنافي والمبعدين ... فأمام القطارات ثلج لايستقبل قلوب العالقين حبا في غبار البلاد وخلف المدارات بحرٌ لايصدّ نوايا الباحثين وراءك عن أسرار دجلة حين تهمس للنّخيل : "كن مجدا "..فيكون قم أيّها الشّاعر ... أسرجْ زيت الشّعر في قناديل الفقراء فماعاد في الليل من هوى ومامالت على الجسر عيونٌ للمها ومامرّ بدجلة غير صباح أخشى لوتتخطفه قوافل الغرباء ، والدّخلاء ، والكاتبين على جباههم : نحن سياط الجوع ونبال الخوف وحبل النّزيف الممتد منذ زمان هولاكو ونحن .. نحن الرّيحُ المنذورةُ بوجهِ شمعةٍ تضيءُ ابتسامةَ الوليد.. فقم أيّها الشّاعر .. وشرّد بهم من خلف سمّ الكلام ، ولتعد شمسُ العراقِ بيضاءَ من غير سوء وحيا للسّنابل ، مضرّجةً بالرّسائل بين المحابر ِ ، والمنابر ، وهمس حكايات الغرام ...