الحياة امرأة ورجل : خريف بلون الحب / سلسلة بقلم أسماء محمد مصطفى / الحلقة 2
الحياة امرأة ورجل :
سلسلة بقلم أسماء محمد مصطفى
خريف بلون الحب
الحلقة 2
حينما أقبل الخريف راسماً على صفحة السماء ملامحه تاركاً الريح تعبث بأوراق الشجر ، وينثرها على الطرقات الأسفلتية حتى تستقر في النهاية عند مدافنها . أبصرت العيون ذلك الرجل الستيني جالساً عند طاولة ما قبالة امرأة خمسينية جاءت برفقته .
لم يصب العيون الفضول ، فمرّت النظرات عابرة في ذلك المساء الدافئ ، لكن الطاولة أمست أسيرة لقاءاتهما المتكررة وشاهدة على همساتهما .
كان الرجل يأتي الى المقهى متأنقاً ، تملأ خطواته المكان شذا ، ويتخذ مكانه عند الطاولة حيناً ، وحيناً تسبقه المرأة الى المكان ، فلا تنتظر سوى دقائق ، لأن الرجل لايقل عنه شوقاً وحرصاً على أن يرسم له صورة في مرآة عينيها اللتين حاصرتهما التجاعيد تحاصرهما وطمست معالم شكلهما اللوزي .
وإذا ما حدث وحضر الرجل أولاً ، نظر الى ساعته بين لحظة وأخرى بانتظار أن تأتيه المرأة .
أثار الإثنان انتباه رواد المقهى ، لأنهم اعتادوا رؤية عشاق في عمر الورد يبثون لواعجهم بصمت تحت ظلال اللقاء هناك .. يشتاقون ويتواعدون ، ويحلقون على أجنحة الشوق ويمسكون بأطراف اللقاء حتى يتسنى لهم القبض على كله ، لكن أن يخرق عاشقان أشيبان القاعدة ، فيحب أحدهما الآخر ويحرص كل منهما على الظهور بصورة جميلة أمام الآخر ، كما الشباب يفعلون ، فذلك ما لم تعتده العيون هناك ، لكن الخريف مازال ، واللقاءات تدفئ المكان .. والحب يأتي في كل وقت ، وإن كان خريفاً .. إنه يصبح اجمل الفصول حينما تصاحب معزوفةَ أوراقه المتساقطة موسيقى الحب .
*****
من عمودي الأدبي الصحافي الإسبوعي : هي الدنيا
التوقيع
هي تذكرة الى مدن الحب والورد .. مدن الحلم .. مدن القمر .. مدن الحزن .. مدن الأمل ..
فالحياة محطات سفر ، والكلمات كذلك ..
*****
تذكرتي وكل خلجاتي مهداة الى أسرتي الجميلة