قالت : أريد أن أعرف ما السر في الهيام بالجمال ؟
قلت : الجمال هو ما اجتذب النفس و سما بها نحو المصدر الموجد لهذا المؤثر . الجمال هو الخير ، هو الاتقان والاستقامة والانسجام و التوافق ، هو الصورة البهية الجميلة الرائعة التي تلتقطها العين وتتأملها ، هو الصوت الشجي الطروب الذي يدغدغ الأذن ، هو الرائحة الزكية التي تنعش حاسة الشم فينا ، هو اللذة و العذوبة و الشهية التي تعتري أذواقنا ، هو الاستحسان و المتعة التي نشعر بها أثناء الملامسة ، هو روعة الفكرة و سلامتها ودقتها وفائدة الاختراع و الاكتشاف حين نستقبله بفكرنا و عقلنا ووجداننا .
وأعتقد أن الحواس ما خلقت الا لتكون هكذا تستقبل الجمال بكل أوجهه و تهيم به ، والا فما الفائدة من وجودها ؟ . ان الانسان مفطور أن يهيم بالجمال ، و يحيا يبحث عنه ، و من قل فيه الميل الى هذا كان أبعد عن صفة الانسان ، وراح يدنو من صحراء الوحشية و الهمجية و الظلم و الافساد . لا تخافي من عاشق للجمال واتقي من لا يميل اليه فانه مريض و قد يفتك بكل شيء .
قالت : و هل ما هوجميل عندي جميل لديك ؟
قلت : قد يكون هذا ، و نتوافق و قد نكون على النقيض أي ما ترينه جميلا أراه قبيحا . الجمال من حكمة الله جعله نسبيا أي غير متساو عند الجميع و كل حسب منظوره .
هنا جمال عام قد تتقارب نظراتنا اليه ، و لكن هناك جمال قد لا نتلاقى فيه ، بل قد نكون على حبل النقيض . ولنقف عند جمال المرأة ، فنجده يختلف أثره من هذا الى ذاك و نحن لا ننفي وجود أحيانا شبه اجماع على جمال امرأة ، ولكن جاذبية المرأة لا تكون بالقدر الواحد عند جميع الرجال ، بل نسبية ، و من لا تعجب هذا قد تعجب آخرين ، و من سرت هذا قد ينفر منها ذاك ، و لكن الأكيد أن لكل امرأة جانبا مهما عند فئة من الرجال ، فتجد هذا يقول امرأة أنفها مليح ، وذاك يغريه فم صغير ، و ذلك يهيم بشعر غجري ، والآخر بطول أو قصر أو كلام أو عينين الرجال . فما أعدل رب السماء .جعل لكل حظا.
السعادة
قالت : ما أسعدني الى جانبك ، ليتها تطول هذه اللحظات .
قلت : أنت أسعد قبل أن نلتقي لا الآن .
قالت : وكيف ؟
قلت : لقد شغلك عن السعادة التفكير في ذهاب ساعتها ، فأنت تشقين نفسك في التفكير في هذا الباب . ان دنيانا هذه لا سعادة حقيقية فيها ما دمنا كلما دخلنا غرفة من غرفها ازداد خوفنا من الخروج منها ، و الخوف الأكبر هو الموت الذي هو آخذنا ولا شك في ذاك . فهل مع انتظار النهاية سعادة ؟
ولنسلم بوجود السعادة ، فنجد أنها قليلة بالنسبة الى ما نعانيه في هذه الدنيا من شقاء متعدد الأشكال و الألوان ، ولا نكاد نصحو من هم حتى نستقبل آخر ، و هكذا يطول ليل المعاناة و يقصر نهار السعادة .
ان لذة الدنيا أو سعادتها تكون على صهوة الشقاء في الطريق لتحقيق حلم فاذا وصلنا انتهت اللذة ..ومنه سعادتنا في البحث و السعي لتحقيق هدف أو حلم أكثر منها عند تحقيقه . فحياة توفر فيها كل شيء مملة لا نكهة فيها .
قالت : السعادة في البحث عن السعادة ؟
قلت : هي الحقيقة .الطالب في انتظار نيل شهادته ، و الخاطب في ارتقاب الدخول الى قفص الزهور و الحامل تحن الى صرخة المولود والمؤمن يفرح متى يلتقي ربه .
التوقيع
تـذكّـــــري مَـن لم تُحِـــــبِّيـه = والقلبُ أنتِ دائِــمًا فــيـهِ
ديْن عليكِ سوف يبقَى عالقًا = وليس مِن شيءٍ سيُلغيهِ
العربي حاج صحراوي .
آخر تعديل عواطف عبداللطيف يوم 01-30-2014 في 07:46 AM.