هذا أنا
قد جئتُ من خلف المسافة كي أرتبَّ خافقي
حتى أعيدك للقصيدة من جديد
حتى أكونك في الحضور وفي الغياب
تخشَيْنَ مثلي من تفاصيل الحروف
تخشَيْنَ مثلي أن أبوحَ إلى الرَّذاذ على جُذوع الياسمين
هذا أنا
لا شئَ لي
ماذا سأفعلُ كي أعيدَ الريحَ صوبَك ثانية ...
وأعيد ترتيبَ النُّقاط على الحروف
هذا الغريبُ هو الحبيبْ
هذا الغريقُ هو الصديقْ
هذي السحابةُ فوقَ أرضي نائمة
لا شئَ لي
لا ذكرياتٌ لا طُقوسٌ لا غياب
لا الظلُّ لي
مذ كنتُ طفلاً يافعا
لا زالَ يتبعُني ويرصدُ خَطْوَتي
وكأنّ شيئاً داخلي
ما زالَ ينبُذني ويطردُني إلى منفىً جديد
حولي تناثرَت الوُجوه
تتعددُ الأصواتُ والكلماتُ والخطوات
تتزاحمُ الأفكارُ في نَسَقٍٍ فريد
تجتاحُني النظراتُ تأسرُني هُنا
لا شئَ لي
هذا اللقاءُ حبيبتي
لا ليسَ لي
هذا المكانُ بما حَوى من ذكريات
من أمنيات ...
من أغنيات
لا ليسَ لي
من أينَ أبدأني وقد
ألقيتُ نفسي جانبا
وخرجتُ من لُغَةِ الحُروفِ إلى هنا
وخرجتُ منها سالما
تلك الرصاصةُ أخطأتني في المدى
ما زلتُ أمتهنُ التنفسَ والهواء
ما زلت حيّاً رغمَ موتي في الغِناء
ما زلتُ أذكرُ وجهَ أمّي في ترانيمِ المساء
ما زلتُ أحيا رغم موتِ مشاعري
هذا المكانُ بما حوى من ذكرياتٍ ليسَ لي
كلُّ الذينَ عرفتُهُم
وسمعتُهُم
وسألتُهُم
ورأيتُهُم
لا لستُ أذكُرُهُم وما
سجّلتُهم يوماً بذاكرتي القديمة
لا صوتَ أسمعه هنا
لا لونَ يجذبُ شَهْوَتي
لا مفرداتٍ للحنينِ إلى دَمَي
لا شئَ لي
لا شئَ لي
هذا أنا
والوقتُ يجهَلُني تماما
والوردُ ينشُدُني سلاما
وأقول يا صوتي متى
ترتدُّ لي
حتى أرى وجهي ووجهَ حبيبتي
حتى أشكّلَ مرّةً أخرى لقاءً مُشْتَهى
حتى أبيعَ مَشاعِري
حتى أقدّمَ طاعَتي
للعابرينَ على جِراحي النّازفة
لا شئَ يُشْبِهُني سِوى
وجهٌ تناثرَ في الغياب
وأقولُ يا صوتي المُدرّج في الحَنين
ماذا تريدُ اليومَ منّي
حتى أعيدَكَ للمكان
ومتى تُغادِرُني حُروفي دونَ خَوفٍ أو أنين
وأقولُ لي
والخوفُ يَسكُنُ في شَراييني ونَبْضي في عروقي كلّها
الخوف يسكنُ في ملامح نشوتي
هذا المكان بما حوى
من ذكريات
من أمنيات
من أغنيات
ليس لي