أيام زمان: يوم الاهانة والشهامة ( القسم الثامن والاخير )
ايام زمان الليالي السود يوم الاهانة والشهامة ............................. القسم الثامن والاخير
((ان أقبلت باض الحمام على وتد ... ان ادبرت ، بال الحمير على اسد)) وصلت استنبول وانا اشبه بسكران ، لا احد يعرف بهمومي الا الله سبحانه وتعالى. وصلت استنبول وأمواج الحيرة تتلاعب بي ، كوريقة وسط عاصفة هوجاء. وصلت استنبول ، واجهل لغة البلد ، عدا بعض الكلمات التي من اصل عربي. وصلت استنبول حائرا !!! كيف سأعبر الى الجهة الاسيوية لمقابلة اخي ؟ والفجيعة الاكبر ، ان لم اجد اخي. السفارات العراقية في الخارج لا ترحب ، بل ولا تهتم بمواطن مفلس !!! وبالأخص مع من يعارضهم من امثالي. اذن ما العمل ؟ منذ ثلاث ايام لم اذق الطعام وأنا خائر القوى ، يبان علي التعب ، والبؤس ، و الكاّبة ، وتبان علي انواع الماسي ، والحيرة تتلاعب في افكاري دون ان اصل الى نتيجة تجدي. مشيت باتجاه البحر ، وعبرت جسرا الى الجانب الاخر لموقف المراكب التي تنقل الركاب من الجانب الاوربي الى الجانب الاسيوي وبالعكس. وقفت يائسا مستعينا بخالق السموات والأرض. من حسن حظي انا اعرف استنبول جيدا لكوني زرتها مرات عديدة. خطرت فكرة على بالي قد تساعدني على حل مشكلتي ، توجهت الى احد الجوامع ، علي اتمكن ان اقنع شحاذا ليقرضني ثمن تذكرة الباخرة ، وأرجعها له أضعافا. وجدت رجلا كبيرا جالسا عند باب احد الجوامع وأمامه صحن يشحذ. توجهت اليه وفرح بقدومي : - السلام عليكم - وعليكم السلام ( رحب بي بحرارة ) - هل تعرف عربي - قليل (( الله اكبر ، ما اصعبها على نفسي ، شعرت الدم يجمد في عروقي من الخجل )) . قلت له : عندي مشكلة ، واحتاج مساعدتك ، والله لا يضيع اجر من احسن عملا. نظرني بدهشة و لم ينبس بكلمة واحدة !!!! اخي سوف يأتي اليوم من العراق ، وأحتاج الى خمس ليرات ، للعبور بالمركب الى الجانب الاسيوي. أنا حائر ، وأقسم لك بالله العظيم ، سأرجعها لك اليوم بعد الظهر ، ان شاء الله بأضعاف. - قال لي بغضب ، مؤشرا بيده : اذهب ولا تريني وجهك يا نصاب هههههههه !!! انت حرامي معروف ، اذهب ، والا انادي الشرطة لتخلصنا من شرك. !!!!!! ابتعد عني يا حرامي ابتعد !! تركته في الحال كئيبا ، ورجعت الى منطقة البواخر ، التي تنقل الركاب الى الجانب الاسيوي. وقفت عن بعد اتأمل الناس عند بائع التذاكر ، وأمواج الحيرة تتلاطم في افكاري. بعد ان اقلع المركب ، وخلت الناس عن بائع التذاكر ، تقدمت اليه بخجل. حييته ورد تحيتي بحرارة ، وسألته : هل تعرف عربي ؟ اعرف قليل والحمد لله . انا من قضاء الاسكندرونة. يا لها من ساعة صعبة وبالأخص بعد أن نهرني شحاذ بباب الجامع ، قبل حوالي ساعة !! - عندي طلب ، ان لم تتمكن ، رجائي لا تغضب ورد طلبي بلطف ، وفي الحالتين انا اشكرك !!! - تفضل اخي ، ما هو طلبك؟ - انا من بغداد ، وأخي اليوم يأتي من العراق بالقطار ، ولا املك اجرة العبور الى الجانب الاسيوي ، هل يمكنك أن تساعدني بثمن بطاقة ، وان شاء الله ارجع المبلغ لك يا اخي ، وسوف لا انسى جميلك. في الحال اعطاني بطاقتين ، وقال هدية مني لك ، انت ابن بلدي. يا لها من فرحة ، كدت لا اصدق هل انا في الحقيقة ام في الخيال !!!!!!!!!!! - اشكرك يا اخي ، وان شاء الله تجدني من الصادقين. اسمي صلاح الدين ، وما اسمكم يا أخ ؟ - عبد القادر عمر. - جاء المركب ، فودعته ، وعبرت الى الجانب الاسيوي ، غير أني لم ازل قلقا ، خشية ان لا ارى اخي. نعم بعدم اللقاء بأخي ستكون نكبتي الكبرى ، ناهيك عما اعاني من مشقات السفر والجوع . وصلت محطة فتاح باشا ، ورأيت اخي ينتظرني وقتا طويلا. راني منهكا ، شاحب الوجه ، منهوك القوى ، فاندهش وقال ما بك ؟ قلت له اعطني نقودا وانتظرني وارجع بعد ربع ساعة ، اعطاني نقودا تركية صرفها في الحدود. ذهبت واشتريت هدية جيدة الى من انقذني بثمن العبور دون ان يعرفني ، الى الشهم عبد القادر عمر. رجعت في الحال ، وذهبنا بمركب الى الجانب الاوربي ، والتقيت بصاحبي عبد القادر عمر ، وعرفته بأخي ، وشكرت جميله ، ارجعت له المبلغ ، كما أعطيته الهدية ، و لما ازل اذكر فضله علي ، و اصبح صديقا بل اخا عزيزا لي. ذهبنا الى فندق ، وحدثت اخي بما جرى لي ، وذهبنا لمطعم ، وتناولنا الطعام سوية. ..........................
شهامة
سبق وان ذكرت في مناسبات كثيرة ، انني غني بأصدقاء اوفياء شرفاء ، ومن مختلف الاتجاهات. كنت احترم ، ولما ازل ، من يخالفني بالفكرة ، وأعينه أيام نكبته ، والله يشهد على صدق قولي.وأصدقائي يعرفوا هذا جيدا. اخي شخص ، مشغول بعمله ، وبعيد عن السياسة ، ولا يفهم بها ، اخبرني بحدثين يجدر ان اذكرهما لأهميتهما: الحدث الاول : انه صدم طفلة عمرها خمسة سنوات بسيارته وتوفيت رحمة الله عليها. من الصدف هذه الطفلة بنت شخص بعثي من عائلة معروفة ومحترمة في العراق . حتى سيارته وضعت في متحف حزب البعث كما سمعت من اصدقاء. هذا الشخص بمجيء حزب البعث للحكم ، اصبحت له مكانة مهمة ، ونفوذ حزبي كبير. عندما عرف انه اخي : حالا تنازل عن كل حقوقه ، في المحكمة. اعتبرتها: شهامة ، ووفاء. الحدث الثاني : عندما استلم اخي رسالتي ، حار بها ، ولا يعرف ما يعمل ، وهو شخص غير معروف اولا ، وبعيد عن السياسة ثانيا. سمع او عرف أن محمد عايش رحمة الله عليه صديقي ، وكان رئيس نقابات العمال. ذهب اليه ، واراه رسالتي. اتصل في الحال بمدير السفر والجنسية ، وعملوا له جوازا ، وحصل على موافقة السفر بوقت قصير جدا. اجدها شهامة مع اني مستقل ، الا أني كنت من منتقدي حزب البعث علنا. لذا وبحق ، أعتبرها شهامة ووفاء ودعت اخي بعد اسبوع مبهج في استنبول. اخوكم ابن العراق الجريح : صلاح الدين سلطان
آخر تعديل عواطف عبداللطيف يوم 06-20-2015 في 11:49 PM.