القول الثابت
========
لا أرى قولا ثابتا عند المؤرخين . إن المؤرخ فلان يعتقد أن حادثا حدث قبل ألف عام . ولكن مؤرخا آخر يظن أن نفس الحادث حدث قبل ألف ومائتا عام . ويقول مؤرخ إن قدماء المصريين هم أول من بنوا الأهرامات ويقول آخر بل النوبيين سبقوهم فى ذلك ... فأنا فى حيرةٍ من أقوال المؤرخين ، فلا أجد قولا ثابتا ، ولا يسعفنى أحدٌ بقولٍ ثابت . ليس فى التاريخ فحسب ، بل فى كل مادة أدرسها أجد عالما يقول شيئا وبعد مضى زمن يجئ عالمٌ آخر ينقض ما قاله الأول . والفلسفة أكبر حقلٍ خصبٍ لاختلاف الفلاسفة فى آرائهم . وسمعنا أن الرياضيات والهندسة علوم ثابتة ولكننا فوجئنا بنظريات قديمة تُلغَى ويحل محلها نظريات حديثة . ولم يتبق لى شيئُ أثق به سوى الفيزياء وعباقرتها . وظللت هكذا ردحا طويلا من الزمن فإذا بى أقرأ بأن العالم كذا لا يتفق مع العالم كذا فى القانون الفلانى . من يصدق أن قانون الجاذبية الذى وضعه نيوتن قبل أربعة قرون فيه أدنى شك . لقد وجدت أن آينشتاين لا يؤمن به ...وأخيرا قلت فى نفسى: لا شيئ فى هذا الكون يسمى بالحقيقة المطلقة ! ولكن آيات القرآن الكريم لم تتبدل وحكمه بالغة فى كل الأزمنة وحقائقه راسخة على مر القرون . الكتب السماوية القديمة تعرضت للتحريف ، وكل ما أضافه البشر فيها قابلٌ للاهتزاز والسقوط . حتى أحاديث رسولنا الكريم لم تكن بمنجاةٍ من العبث ففيها الضعيف والمدسوس و المشكوك فى صحته . الشيئ الوحيد الثابت أمامنا القرآن الكريم.."يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الآخرة.." . وما صحّ من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم . ولذلك كانت آخر نصيحة من الرسول للمؤمنين: تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبدا ، كتاب الله وسنتى .