الوردة البيضاء
نبضات القلب ترتفع حينا وتنخفض أخرى،سكون رهيب يغزو المكان، تسافر العين حيث المجهول، وتبقى الروح تناجي طيف النهار، وزمرة من الكواكب تحرس الأجواء على أمل لقاء قريب بعروس النهار وذكريات الماضي تحتضر على أنقاض الأحلام وتدغدغ جسمها النحيف وهي ترسم حلم الطفولة على محي الطبيعة . ياسمين ما تزال متشبثة بماضيها تنسج شمس الأصيل بخيوط الأمل وتسقي جنان الحب بلعاب القمر،وعصفورها يسمعها أعذب الألحان فترقص روحها على تلك الأنغام رقصات أسطورية وكأنّها سندريلا زمانها . فظلّ الأمير يهديها كل يوم زهرة إلى أن شكّلت منها حديقة غنّاء تسحر الناظر بجمال ألوانها، وكل زهرة تروي حكاية وأيّ حكاية!
نظرت ياسمين إلى الزهرة الحمراء والأسى يملأ قلبها الصغير والعين باكية تحتضن حبا كبيرا لم يبق منه غير كلمات لا زالت ترسو على سطح الذاكرة كلّما وقعت عينها عليها . قال لها لحظة تيه :«أنّه دونها عدم»
وكانت المسكينة تصدّق وتصدّق... وكم مرة استغربت انتماءه لبني جنسه!! و كان بنظرها ملاكا على الارض.
وقد كان يسمعها كلمات ما قيلت قط لغيرها،كلمات تبعث على الإطمئنان،فتبتسم جوارحها قبل شفتيها.
وفجأة وهي تقلّب الطرف بين زهرة و أخرى وقعت عينها على زهرة صفراء فتذكّرت كم كان يغار عليها من نسمة الرياح وكان دوما يذكّرها أنّها خلقّت لاجله ولأجلها خلق.
لن تنسى ياسمين اليوم المشؤوم حين سمعت طرقات على الباب،فأسرعت لفتحه وفي اعتقادها رسالة من أميرها جاءتها طلبا للإعتذار، فقد طال غيابه ولم تسمع عنه أيّ خبر.
كانت الرسالة من صديقة لها تدعوها لحفل زفافها.
أسئلة خدرّت فكر ياسمين فنزف قلبها الرقيق ألما وحسرة. وبين شمس وضحاها اختفى الامير وراء ظلال النسيان وخيانة عمياء. ولكنّ إيمانها بالقدرثبّت أقدامها على أرض الواقع حين سمعت صوتا منبعثا من أطلال حديقتها :«كم مرة رجوتك أن لا تحلمي وكم مرة حذّرتك من اندفاع الشباب والتيه في عالم الخيال.حينها رفضت الإصغاءإلي و أغمضت عينك عن رؤية الحقيقة»
وظلّت ياسمين تعانق الذكريات و الوردة البيضاء عالقة بثوبها ترسم أجمل صورة للنقاء والصفاء..
وفتحت ياسمين عينيها على صوت أمها وهي تقيس حرارتها.