يخبر تعالى عن الكفار يوم القيامة، أنهم يرجعون على أنفسهم بالملامة، ويعترفون بأنهم كانوا ظالمين لأنفسهم، فإذا عاينوا أهوال القيامة، ندموا كل الندامة حيث لا ينفعهم الندم، { وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَٰذَا يَوْمُ الدِّينِ} ، فتقول لهم الملائكة والمؤمنون: { هَٰذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} على وجه التقريع والتوبيخ، ويأمر اللّه تعالى الملائكة أن تميز الكفار من المؤمنين، في الموقف في محشرهم ومنشرهم، ولهذا قال تعالى: { احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ}، قال النعمان بن بشير: يعني بأزواجهم أشباههم وأمثالهم وكذا قال ابن عباس وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد والسدي وأبو العالية وغيرهم. وروي عن ابن عباس أنه قال: { أَزْوَاجَهُمْ} نساؤهم، وهو غريب والمعروف عنه الأول ؛ وعن عمر بن الخطاب: { وَأَزْوَاجَهُمْ} قال: إخوانهم، وقال النعمان: سمعت عمر يقول: { احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ} قال: أشباههم، قال: يجيء أصحاب الزنا مع أصحاب الزنا، وأصحاب الربا مع أصحاب الربا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر، وقال ابن عباس: { أَزْوَاجَهُمْ} قرناءهم، {وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ} أي من الأصنام والأنداد تحشر معهم في أماكنهم، وقوله تعالى:{ فَاهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْجَحِيمِ} أي أرشدوهم إلى طريق جهنم، وهذا كقوله تعالى: { مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا[1]}، وقوله تعالى: {وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ } أي قفوهم حتى يسألوا عن أعمالهم وأقوالهم، التي صدرت عنهم في الدار الدنيا، قال ابن عباس: يعني احبسوهم إنهم محاسبون، وقد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه آله وصحبه وسلم: (أيما داع دعا إلى شيء كان موقوفاً معه إلى يوم القيامة لا يغادره ولا يفارقه، وإن دعا رجل رجلاً)[2] ثم قرأ: { وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ }
وقال ابن المبارك: (إن أول ما يسأل عنه الرجل جلساؤه: ثم يقال لهم على سبيل التقريع والتوبيخ {مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ؟} أي كما زعمتم أنكم جميع منتصر؟ { بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ} أي منقادون لأمر اللّه لا يخالفونه ولا يحيدون عنه، واللّه أعلم.