ضَاعَ الوطُن ، ولم يتبقَ منه غير ُفتاتِ الذاكِرة على موائدِ البُسطاءِ ، ولفَ الظلامُ والجُوعُ بلٓد الطيوبِ ، موطنِ الأضواءِ ، وحٓلتْ هُتافاتُ العتمِة مكان ضحكات الأطفال ، واغتالتْ يدُ الخائنِ الرعديد لحظات الفرح فينا ، وتسلطَ الزمنُ الركد المليءُ بالعفونِة علينا ، ونثرٓ روائحه النتنِه الكريهة في كل ِمكان ، غارَ النهُر وماتَ صاحبه ، وبقيتْ مساربه مقطعَة الأوصالِ ، وتكّدستْ جبالُ العفونِة فوقَ صدورِنا ، جراحُ الوطنِ الباردةُِ تئنُ من شدةِ الوحدةِ ، والألمُ ينثرُ ملحٓه البارُد فيها ، و تٓشْققتْ الأرضُ قدمينِ تائهتينِ في زحمةِ الدروبِ ، وتٓاه الوطُن فيهما من كثرةِ الصدوعِ ، آهٍ ياوطني التائه فينا ، تبحث عن ثائرٍ منّا ، يخرُجك من غياهبِ الجبِ ، وينفضُ عن جبينِك الوجعَ والظلمَ ، فهلْ مِنْ معّبرٍ لرؤياكَ الخضراء بالجدبِ ؟ ، وهل مِنْ يوسفَ فينا يا وطني ؟ أمْ أنَ زمانَ النبؤة فينا قد انتهى ؟.