هو الأحنف بن قيس ، وكنيته: أبو بحر .
وكان في رجله حنف ، وهو ميل في رجله، وكانت أمه ترقصه وهو صغير وتقول :
والله لولا ضعفه من هزله ... وحنف أو دقة في رجله ... ما كان في صبيانكم من مثله
وكان حليما موصوفا بالحلم.
من أقواله:
قيل له : يا أبا بحر ، دلني على محمدة بغير مرزئة ،
قال: الخلق السجيح ، والكف عن القبيح ، واعلم أن أدوأ الداء اللسان البذيء والخلق الردىء
وأشرف عليه رجل وهو يعالج قدراً له يطبخها، فقال الرجل:
وقدر ككف القرد لا مستعيرها يعار ، ولا من يأتها يتدسم
فقيل ذلك للأحنف ، فقال: يرحمه الله لو شاء لقال أحسن من هذا.
وقيل له : أنت أعز العرب
فقال: إن الناس يرون الحلم ذلا .
وكان يقول رب غيظ تج عته مخافة ما هو أشد منه. -
وكان يقول : كثرة المزاح تذهب بالهيبة
ومن أكثر من شيء عرف به
والسؤدد كرم الأخلاق وحسن الفعل.
وقال : ثلاث ما أقولهن إلا ليعتبر معتبر: لا أخلف جليسي بغير ما أحضر به ، ولا أدخل نفسي فيما لا مدخل لي فيه ، ولا آتي السلطان أو يرسل إلي.
وقال له رجل: يا أبا بحر ، دلني على محمدة بغير مرزئة ،
قال: الخلق السجيح ، والكف عن القبيح ، واعلم أن أدوأ الداء اللسان البذي والخلق الردي .
وأبلغ رجل مصعبا عن رجل شيئاً ، فأتاه الرجل يعتذر ، فقال مصعب: الذي بلغنيه ثقة .
فقال الأحنف : كلا أيها الأمير ، فإن الثقة لا يبلغ .
وسئل : هل رأيت أحلم منك ؟
قال : نعم ، وتعلمت منه الحلم .
قيل : ومن هو ؟
قال : قيس ابن عاصم المنقري ، حضرته يوماً وهو محتبٍ ، يحدثنا إذ جاءوا بابنٍ له قتيل ، وابن عم له كتيف ، فقالوا : إن هذا قتل ابنك هذا ، فلم يقطع حديثه ، ولا نقض حبوته ، حتى إذا فرغ من الحديث التفت إليهم فقال : أين ابني فلان ؟ فجاءه ، فقال: يا بني قم إلى ابن عمك فأطلقه ، وإلى أخيك فادفنه ، وإلى أم القتيل فأعطها مائة ناقةٍ فإنها غريبة لعلها تسلو عنه ، ثم اتكأ على شقه الأيسر وأنشأ يقول:
إني امرؤ لا يعتري خلقي دنس يفنده ولا أفن
من منقرٍ من بيت مكرمة ... والغصن ينبت حوله الغصن
خطباء حين يقوم قائلهم ... بيض الوجوه مصاقع لسن
لا يفطنون لعيب جارهم ... وهو لحسن جواره فطن