يا إخواننا بصراحة أنا لست بفقيه ولا بعالم دين . ولكنى عندما أقرأ القرآن أتفكر فى الآيات وتجول بخاطرى معانٍ ، وأحيانا أنظر فى التفاسير فأجد تلميحا لتلك المعانى وأحيانا لا أجد لها إشارة . ولكنى آخذ فرق الزمن فى الاعتبار . فالمفسرون إما صحابة أو تابعين أو تابعى التابعين ولم يكن فى زمنهم علوم تجريبية ولا معامل ولا جامعات ولم يكن يُعرف فى زمنهم شيئ إسمه "نظرية التطور"..إلخ إلخ . والآيات أعلاه - من سورة العنكبوت - تشير إلى بدءٍ للخلق ثم إعادةٍ له . وتحث الناس على السير فى الأرض للنظر . ما معنى أن نسير فى الأرض؟ إنه ليس مجرد مشي . إنه أكثر من ذلك . ثم هو لم يقل (سيروا على الأرض) بل "سيروا فى الأرض" . والحرف [فى] يشمل السطح والباطن . إذن أنا أفهم من عبارة "سيروا فى الأرض" سافروا وتنقلوا من مكان لمكان آخر واحفروا فى الأرض وابحثوا فى الجليد وفى الكهوف..إلخ . ماذا سنجد عندما نحفر فى الأرض ونبحث فى هذه الأماكن؟ سنجد بقايا الحيوانات التى عاشت فى العصور القديمة بما فيها الإنسان وبما فيها القردة والأفيال والسباع والأسماك والبرمائيات والحشرات..إلخ إلخ . ولكن ما يحيرنى هو عبارة "كيف بدأ الخلق" !! فى تصورى أن كلمة (بدأ) تعنى أن هنالك كان بدءً يناسب عصرا...ثم تغير العصر فلم يعد ذلك الشكل يناسب العصر الجديد فصار لزاما تغيير الشكل أو إجراء تحوراتٍ عليه حتى يتناسب الكائن الحى مع العصر الجديد . ولو عمّق الناس الأحافير لربما وجدوا بقايا كائنٍ حىٍ معين فى عصرٍ قديم تختلف نوعا ما فى شكلها العام عن بقايا نفس الكائن فى عصورٍ متأخرة . وحتى لا يحتار الحافرون كيف اختلف نفس الكائن فى هيكله العظمى أو أطرافه أو فى أى جزء من أجزائه من طبقةٍ أرضية إلى طبقةٍ أرضيةٍ أخرى أشار القرآن إلى بدء الخلق ثم إعادته . وملخص هذه التغيرات أنه مر على الأرض فى الأزمان السحيقة عصور مختلفة فى طبيعتها من حيث الطقس والمناخ والرياح والجليد وأنواع الكائنات الحية المعاصرة لتلك الحقب وأنماط غذائها وكيفية هرب فرائسها وطرق تمويهها وتخفّيها من أعدائها..إلخ إلخ فكان يتحتم على بعض الكائنات عند تغير العصر إما الانقراض أو التكيف مع العصر الجديد . ولربما اقتضى التكيف مع متطلبات العصر الجديد إجراء بعض التعديلات على شكل الكائن الحى ظاهرا أو باطنا . وإننى لأجد ما يشير إلى هذا المعنى فى العبارة "ثم يُعيده" وفى العبارة "إن ذلك على الله يسير" وأيضا فى العبارة "ثم الله يُنشئ النشأة الآخرة" وفى العبارة "إن الله على كل شيئٍ قدير" . وغنىّ عن القول أن تلك الحقب الزمنية السحيقة وما جرى فيها من تحورٍ على بعض المخلوقات سبقت مجئ الإنسان بزمنٍ طويل .
وبعد ، فلا تلومونى على هذه التأملات فى الآيات فإن الله تعالى قد أمرنا بالتدبر فى القرآن قائلا "أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالها" . "أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا" . صدق الله العظيم
آخر تعديل سرالختم ميرغني يوم 04-20-2019 في 02:03 PM.