(الفقرة 1)
الإنسان حيوان يقول شعرا . يتذوق شعرا . هكذا يطيب لى أن أعرف الإنسان كما لم يعرف من قبل . فكرة صغيرة أغامر وأضعها على الورق وتسمية جديدة أرجو أن ترد للإنسان بعض اعتباره الضائع وتضعه حيث يجب أن تكون .
أن نعرف الإنسان بأنه ناطق أو أنه ضاحك أو أنه اجتماعى ، إبقاءٌ لهذا الإنسان فى مرحلته الترابية وتمييزه عن القطيع الحيوانى ببعض الخصائص العضلية الفيزيولوجية فقط ككونه ينطق .. أو يضحك .. أو يعيش فى جماعة .
أما أن نربط حقيقة الإنسان بالشعر ، ونجعل الاثنين موضوعا واحدا ، فهو تصعيد بقضية الإنسان وتجديد أكيد لهويته .
الإنسان كائن يولّد شعرا . وبتعبير آخر كائن حريص على أن يعبر عن ذاته تعبيرا ممتازا . أن يقدم نفسه فى إطار نبيل . المفتاح إلى قلب الحبيبة ، كل حبيبة ، سواء كانت سوداء تنبعث من بشرتها روائح المانغو .. ويختصر صدرها اليابس تمرد قارة .. طموح قارة .. أو واحدة من جزر الهاواى المكتسيات حينا باللا شيئ .. وحينا بصدفات البحر .. وأطواق زهرات الغاردينيا ، أو كانت سويدية شقراء من ماردات الشمال . المفتاح أغنية حب جميلة تقال عند شرفتها ..
الشعر هو كلمة السر .. من عرف متى يقولها وكيف يقولها استطاع أن يزحزح الصخرة المسحورة عن المغارة المسحورة ... ويصل إلى صناديق اللؤلؤ والمرجان .. وإلى الحور المقصورات فى الجنان . منذ أن دار هذا الكوكب المتحضر على نفسه كان الشعر . أى منذ أن امتدت يد أول إنسان إلى أول زهرة برية ليحملها إلى الأنثى التى كانت تنتظره فى ملجئه الحجرى وليقول لها : ( لم اصطد اليوم شيئا لطعامنا وإنما حملت لك هذا الكائن الجميل الذى وجدته مختبئا فى شقوق صخرة .. إنه يشبه انفتاح فمك يا حبيبتى .. ) . هذه أول هدية جمال فى تاريخ الهدايا .. أول كلمة فى أول ديوان شعر .