أى الحالين أدعى لطلب العلم : الفقر أو الغنى ؟ وأى الفريقين يُعذر إذا قصر فى طلب العلم : الفقراء أو الأغنياء ؟
كان هذا مجال حوار طريف فى القرن الخامس الهجرى بين إمامين من أئمة العلم ، كلاهما كان فى القمة ، أحدهما " ابن حزم " ، وهو صاحب جاهٍ موروث وثراءٍ ظاهر ، وقد تولى الوزارة . والآخر " أبو الوليد الباجى " ولم يكن على شيئٍ من جاهٍ أو ثراء .
فقد اجتمع الرجلان فى مجلسٍ وتناظرا فى مسألةٍ علمية . ولما انفضت المناظرة ، قال أبو الوليد الباجى لصاحبه :
_ أنا أعظم منك همةً فى طلب العلم ، لأنك طلبته وأنت معانٌ عليه . إذا أردت السهر للمطالعة ، أضاءت لك مشكاة الذهب . وأما أنا فكنت أطالع ساهرا تحت قناديل السوق !
فأجابه ابن حزمٍ بقوله :
" هذا الكلام عليك لا لك . لأنك إنما طلبت العلم ، وأنت فى تلك الحال التى وصفت ، رجاء تبديلها بمثل حالى . وأنا طلبته فى حين ما تعلمه وما ذكرته ، فلم أرج به إلا علوّ القدر العلمى ! " .