في فصل الربيع يكثر طائر السنونو المهاجر فتراه يملء الأجواء في المناطق الريفية حيث
البنايات الريفية المسقفة بسيقان أشجار العرعار الغابية والقرميد حيث يجد ملاذه في بناء
أعشاشه وما توفره له الأسر من حماية وألفة لأنهم يرون فيه فأل خير .
اختارت السنونوة مع رفيق دربها الذكر أحد بيوت القرية لبناء عشهما . لقد كان يدخلان من
باب غرفة البيت الذي قلما يغلق إلاّ في فصل الشتاء دون خوف وازعاج وكان يأتيان بالطين
الذي يعتبر المادة المفضلة في بناء عش السنونو مع بعض القش المناسب .
أكمل الزوجان عشهما بعد جهد جهيد في الغدو والرواح وبعد هذا العناء الكبير آن لهما
التزاوج وبعد أيام بدأت الأنثى في وضع البيض وقد عرف أهل البيت أن أنثى السنونو بدأت فعلا
في وضع البيض فهم يفرقون بين الذكر والأنثى من خلال شكلهما .
كانت الأنثى قليلا ما تبتعد عن العش إلا في بعض المهام كالبحث عن الغذاء واصطياد الحشرات
لكنها كانت ملازمة لزوجها على الدوام.
لقد كان الزوج يقضي معضم وقته في البرية بين الحقول والبساتين التي ألفها مع أنثاه بينما الأنثى
تقضي وقتا كبيرا في الحضن إلى غاية فقس البيض وخروج الفراخ .
لقد كان من أفراد البيت من يراقب على كثب حياة الزوجين من السنونو عن بعد ويحرسهما من أي
خطر يهددهما في هذه المرحلة الحرجة إنها صباح وأختها نرمين
أخبرت صباح والدتها بفقس البيض وخروج الفراخ بعدما سمعت زقزقة الصغار حتى لا تغفل الأم عن
حما يتهما ولو عن بعد على الرغم من حرص صباح ونرمين على مراقبتهما وحمايتهما .
وفي أحد الأيام المشمسة كانت نرمين تلعب مع أختها لعبة تشبه لعبة الشطرنج وإذا بهما
يسمعان حركتة بنسحب ويتحرك في أعلى السقف إنه الحنش الذي يعكر صفو حياة السنونو
في المنازل العامرة والبيوت المهجورة .لقد رأته السنونوة فأحدثت حالة طواريء بصفيرها والحومان
قرب العش لأنها رأت عدوها اللذوذ الذي يلتهم صغارها ويحول حياتها إلى جحيم .
عندما سمعت صباح ونرمين صراخ السنونو أدركوا أن المتسرب للسقف حنش يريد الفراخ وأمهم .
وفجأة دخل ذكر السنونو ولما رأى الحنش ضم صراخه لصراخ أنثاه . هنا أدركت صباح سر هذه
الطواريء وعندما جالا بعينيهما إلى سقف الغرفة رأته صباح يتسرب بهدوء محدثا صوتا مرعبا فأمرت
نرمين بأمن تحضر المنجل الذي يستعمله والدهما في حصاد القمح والشعير والحشائش التي يعدها
علفا لماشيته .ربطت نرمين المنجل بإحكام على رأس عمود خشبي وسلمته إلى صباح التي كانت
تراقب حركات الحنش بحذروما إن رأته يقترب .من العش صوبت المنجل نحو رأسه وجذبته بقوة
ليحتدم بعمود من سقف البيت فأحدث شرخا كبيرا في رأسه ليسقط من أعلى السقف ميتا .
فرح ذكر السنونو وأنثاه ليتفرغا في اطعام الصغار إلى أن تتم عملية الطيران وكانت فرحة أهل
البيت كبيرة في القضاء على هذا الثعبان الزاحف.
----
بقلم / تواتيت نصرالدين
التوقيع
لا يكفي أن تكون في النور لكي ترى بل ينبغي أن يكون في النور ما تراه