إكليل الغار في زمن النهار

إكليل الغار في زمن النهار. توالت الأيام، وانقضى النهار، وظل الزمان، يسطر الذكريات والأيام على حروف من ذهب، في مخمل أحمر براق وكتبت أجمل حكاية خلدها الزمان، وقدرها الاجيال.

(حكاية إكليل الغار في مملكة الفرسان)

كانت نبتة غاية في الحسن والجمال، ذو رائحة عبقة، تقتضي الاسطورة أن تظل تتأمل هذه النبتة عشرة أيام متتالية كي تتمكن من مخاطبة أفكارك، والتحدث معها عن طريق توارد الخواطر.
كان هناك شاب وسيم يدعى" كريم" كان شابًا حكيمًا رغم حداثة سنه وصغره، إلا أنه كان بعيد الافق، متوقد الذهن، ذو حاسة سادسة قوية.
ظل يتأمل النبتة عشرة أيام متتالية، ويتخيل في داخله أنه يحدثها وتحدثه، عن أدوية يقوم بصنعها، وتنفع المرضى في ذاك الزمان وبعد انقضاء العشرة الأيام.
ذهب "كريم" كعادته إلى نبتة إكليل الغار، وتحدث معها فانشرح قلبه من عذوبة صوتها ورقتها، تأملها حدثته النبتة، وهنأته على صبره، أخبرته عن اعشاب طبية يستخلص منها أدوية، أخذ يدون كل ماتمليه عليه بشغف، إلا أن انقضى الليل كله.
وحينما لاح الفجر ودعته ودعت له بالتوفيق، ورجعت نبتة صامتة مرة أخرى.
فرح "كريم" ومضى سعيدًا وذهب إلى طبيب المملكة، وقال له: ما قالته له النبتة، وأعطاه قائمة بأسماء الأعشاب، حينما رأها الطبيب لم يصدق أن نبتة اعطته كل هذه المعلومات القيمة والصحيحة، واقسم على "كريم" أن يخبره الحقيقة، وقال له هذه كذبة توارثها الأجيال، لا يوجد نبات من هذا القبيل في العالم!
لم يجرؤا أحد على تجريبها منذ زمن طوييييييييييييييل قال له "كريم " إذا لم تصدقني أريدك أن تذهب تتأمل النبتة، كل يوم منذ شروق الشمس إلى بزوغ القمر مدة عشرة أيام.
وحينما تنقضي العشرة الأيام ستحدثك النبتة، عن طريق التخاطر توارد الأفكار، جرب لن تخسر شيئا ما زلت لاتصدقني، لقد تمكن الإصرار الطبيب وأصر على التجربة، لأنه لم يصدق "كريم" لأن المعلومات كانت صحيحة ودقيقة وظل يبحث عنها الطبيب سنتان، ولم يفلح في التوصل إلى الأبحاث التي أدلت بها النبتة، كما زعم "كريم" وقرر الطبيب أن يتأمل النبتة، لهذه النبتة قصة عجيبة!
يحكى أنه كان فيما مضى من الزمان، كانت هناك فتاة جميلة، ابنة ملك مشهور، وكانت هذه الفتاة موهوبة في صنع الأدوية، واكتشاف الاسقام، احضر لها ابيها الحكماء والأطباء من صغرها، فبرعت وتفوقت عليهم أجمع، كانت تقرأ كتب طبية وتنمي مداركها، وتصنع أعشاب طبية تداوي بها المرضى، هيأ لها أبيها كل ما تحتاج إليه لأنه هذه كانت رغبتها وهذا يجعلها سعيدة.
وفي يوم من الأيام كان هناك ساحرة شريرة، مرضت مرضًا شديدًا وذهبت إلى الفتاة كي تعالجها.
قالت لها لن أعالجك مادمت حولت نصف رجال المملكة حيوانات لأنهم لم يطيعوا أمرك اعيديهم وأنا اداويك، غضبت الساحرة من الفتاة، وحولتها إلى نبتة إكليل الغار.
لأنها لم تعالجها وبعد سنتان ماتت الساحرة من شدة مرضها، أما الملك فقد حزن على ابنته حزنا عميقا، وحاول أن يخلصها فلم يفلح، وظل يتحدث معها عن طريق التخاطر، إلى أن مات وكذلك امها، ماتت من شدة حزنها على ابنتها، لم تحتمل أن ترى ابنتها اصبحت نبتة هكذا فجاءة، وعم الحزن المملكة وظل الناس يفعلون نفس الطريقة يتأملوها عشرة أيام ثم يتحدثون معها عن طريق التخاطر إلى أن مل الناس، ثم انصرف كل منهم إلى شأنه ونسوا النبتة تماما.
وتوالت السنين وظلت الجدات يروا اسطورتها لأحفادهم، بعضهم صدق الحكاية وبعضهم اتهمها أنها خرافة لا أكثر، إلا أن سمع "كريم" قصتها فجاءة وقرر أن يجرب، أما بالنسبة للطبيب فقد انقضت العشرة أيام وتحدث إلى النبتة، لم يصدق من هول الصدمة فأغمي عليه لحظات ثم استيقظ، وتحدث معها قليلا، تأكد منها من صحة معلوماتها شكرها وانصرف.
ظل "كريم" يزور إكليل الغار ويتأملها، إلى أن تنقضي المدة وتحدثه، فقد تعلق قلبه بتلك النبتة الصغيرة، ذات الرائحة العبقة، وحينما حان اليوم المحدد الذي ستتحدث فيه إكليل الغار، ارتدى" كريم" أجمل ما لديه ثم ذهب إليها.
الوحيد الذي كان يصدق اسطورة إكليل الغار ويشعر بصحتها، هو أما البقية فكانوا مكذبين اسطورتها ذهب "كريم "إلى النبتة وتحدث معها، قال لها لم أتي اليوم للنصيحة كما حدث سابقا قالت له ولماذا أتيت؟
كيف لي أن اخدمك يا سيدي؟
جميع من أتوا إلى فيما مضى، كانوا يأتون للتزود من معلوماتي ومساعدتهم في علاج مرضاهم.
قال لها: لقد أتيت أريد أن أوجه إليك بعض الاسئلة؟
هلا اجبتي ارجوك ارغب بمساعدتك؟ قالت له: تفضل .
قال لها؟ الا يوجد سبيل لخلاصك، الا توجد طريقة تعودين بها فتاة مرة أخرى؟
ارجوك اخبريني أود أن اساعدك اطلقت دموع على شكل قطرات ندى.
قال لها: ما لذي يبكيك؟
قالت له: لم يأتي أحد قط ويسالني عن خلاصي منذ وفاة والدي، وفشل الجنود في تخليصي مما أنا فيه، وأنت بعد كل هذه السنين تأتي وتعرض حياتك للخطر، لأجلي ولا تريدني أن أبكي؟
ارجوك قل لي ما لذي يدفعك إلى هذا؟
لماذا ترغب في مساعدتي؟
قال لها لقد احببتك وأنت لا ذنب لك فيما حدث لك، لما تدفعين ثمن جرم لم تقترفيه؟
هيا ارجوك اخبريني قبل أن يطلع الفجر؟
قالت له: عليك أن تتوجه إلى كهف مظلم، في قلب الجبل الذي خلفي مباشرة، هناك كانت تقطن الساحرة، أبحث جيدا ستجد ترياق بنفسجي اللون يتوهج كالبرق، احضره بحذر، كي لا ينسكب ويصبح لا أمل أبدًا في رجوعي، وحينما تصل اسكبه على، وفي دقائق سأعود إلى فتاة، في هيئتي البشرية.
قال لها: فقط كذلك، ولم يستطع أحد تحريرك، إنه لأمر هين .
قالت له: لا ليس كذلك؟
تحرس بوابة الكهف قطيع من الذئاب عليك قتلهم جميعا، ثم إذا دخلت الكهف ستجد أربعون عقربًا منتشرة في إرجاء الكهف، فكن على حذر وأرتدي درعك، وكأنك تتأهب لمعركة، خذ معك الترياق التي وصفته لك لقتل الحشرات، وقم برشه في الكهف كي تختنق الحشرات وتموت، وبعدها ستجد ثلاثون أفعى حول الصندوق الذي به الترياق اقتلها ببندقيتك ثم خذ الصندوق واركض خارجا، ولا تنظر للخلف، لأن شبح الساحرة سيطاردك، ويحاول إرعابك فلا تلقي له بالا، وامضي وتعال اسكبه على كي أعود بشرية.
قال لها: حسنا شكرته من أعماق قلبها وودعته، وتمنت له النجاح في مهمته والسلامة، بعد أن أعطته ترياق يدهن جسمه، به لأن مفعوله قوي كل دابة أو حشرة تعضه تموت على الفور، إنه سم قاتل، ولكنه لا تأثير له على البشر ابدًا ذهب إلى بيته "كريم" اغتسل وجهز الدرع، وانتظر الصباح، جهز حلته، وتناول وجبة الإفطار، ودهن جسمه بالترياق، واخذ معه كل ما يلزمه في مهمته القادمة، تسلق الجبل وبعد خمسة أيام متواصلة وصل إلى الكهف، ووجد الذئاب تغط في سبات عميق، فابتسم وحمد الله واختبأ في مكان منزوي، واطلق عليها الرصاص، كانت تقاوم وتحاول أن ترى من يطلق الرصاص، لم تره ثم خرت صريعه، ابتسم "كريم" ابتسامة النصر، وتقدم إلى الكهف، وحينما دخل اخذ الترياق وقام برشه في كل إرجاء الكهف، كي تموت العقارب والحيات، وخرج قليلا ينتظر ثم دخل ووجد العقارب ملقاة على قفاها تصارع الموت، تحاول أن تقاوم أطلق عليها ما تبقى له من الرصاص، فخرت صريعة وماتت ثم دوت صرخة مريعة في المكان، ورائحة نتنة تغلف المكان، أسرع "كريم" باتجاه الصندوق اخذه وركض للأمام، دون أن ينظر إلى الخلف.
بعد أن سمع صوت ضحكات شريرة، فأخذ يركض باسرع ما لديه، إلى أن خرج من الكهف سالما ثم لم يصدق من الفرح أنه نجح في مهمته، بعد أن فشل مئات الجنود في انقادها، انهمرت من عينيه دموع الفرح وواصل سيره في النزول من الجبل استغرق الأمر خمسة أيام متتالية، انهكه التعب ارتاح قليلا، وتناول وجبته، وواصل مهمته وانقضت الخمسة أيام والشوق كان يطوق "كريم" ليرى إكليل الغار كيف شكلها، وحينما وصل إليها؟ سكبه عليها كله وماهي لحظات إلا وإكليل الغار تحولت إلى فتاة جميلة حينما راها لم يستطيع أن يتمالك نفسه من شدة جمالها فبكى وقال 75 سنة وأنت على هذه الحال!
كانت إكليل الغار فتاة جميلة جدا، يخيل إليك حينما تنظر إليها أنها ملاك، كانت ذو شعر اشقر طويل جدا، وعينان زرقاوان، وثغر صغير أحمر، كانت آية في الجمال قالت له إكليل الغار: شكرا لك لقد اقسمت على نفسي أن يتزوجني من ينقذني فرح "كريم" كثيرا لأن قلبه شغف حبا بها وكذلك المدينة فرحت بها كثيرا، وأقاموا لها مأدبة ضخمة، واصبحت تزاول مهنتها التي كانت، وساعدها "كريم" وعاشوا سعداء وبفرح وهناء.