ثمّة تفاصيل يومية نعايشها فتتجذر في أعماقنا ، حتى تكاد تغطي على ما عداها من الأمور التي نعتاد على ممارستها ، وتالياً تسيطر على جميع ملكاتنا الفكرية والروحية، وتحاصرنا في لحظات الكينونة .
هواجس تتملكنا على على الدوام، قد تصل في أقصاها إلى هواجس مميتة، وخاصة في تعاملك مع الآخر، وتالياً إيضاً أختلال التوازن في مجمل حياتنا، عبر هذه الشرنقة التي نتخبط بين جنباتها نغض النظر عن مسبباتها ودوافعها .
في الغربة يتحتم عليك أن تكون على عجلة من أمرك طوال النهار ، وعبثاً تبحث عن شيئاً ما، أو أشياء ، قد لا تكون لها وجود بالأساس غير أنك تصّر أن تشغل نفسك بها، فتتبع كل شاردة وواردة التي تواجهك في عربتك اليومية القاتلة، وتضطر في كثير من الأحيان أن تسير وفق معطيات معيّنة وذلك درءاً لما هو أقسى وأشرس، وحفاظاً على الذات، كي تستطيع تدارك الأمور وتجاوزها بأقل الخسائر - أقصد الخسائرالمعنوية - .
ثمّة تفاصيل ترهقني، حالة من الأكتئاب تتملكني، تسكنني، أسعى على الخروج منها تلافياً للأحباطات المميتة، ساعياً على الدوام ترميم التصدع الذي يباغت يومياتي رغماً عني .
أتوق إلى ممارسة إنسانيتي ولو في أدنى مستوياتها ولكن بأمان وطمأنينة دون أن يشغلني مرغماً مواجهة مع من يضمر لي السوء، أو يجعل مني كبش فداء ليخرج من أحباطاته بل أفلاسه الفكري وحتى الأخلاقي ....
إنها الغربة بكل غطرستها وأختراقاتها وتقاطعاتها، كما أنانيتها، وتجلياتها التي تتوالد في كل لحظة وثانية .
ورغم كل ما يحدث تبقى الثقة بالنفس، والجرأة، والمصداقية في تعاطي مع الذات ومع الآخرين ثالوث متجانس ومداميك أساسية لدى كل من يتحصن بفكر إنساني خلاّق ونيّر .....!!!!