كذبتُ عليكَ. أجل، قد كذبتُ ؛ لأنَّ الروايةَ مزروعةًٌ كالزهورِ بواحةِ صَدري و أنِّي أخافُ مِنَ الوردِ لو ذاعَ سِرِّي إذا ما استقرَّتْ و نامت ورودي على كتْفِ حرفي و في راحتَيك. صمتُّ عنِ البوحِ لمّا سألتَ عنِ السرِّ فالسرُّ - يا شمسَ حرفي- يبيتُ بحِضني سعيدًا كسربِ العصافيرِ لو زقزقَتْ في رُباكَ صَباحًا، وعادتْ مَساءً لتغفوَ في حِصْنِ قلبي و فجرًا بشوقٍ تعودُ إليك. كذبتُ عليك، أشحتُ بوجهيَ لما لمحتَ الهُيامَ يدبُّ إلى مُقلتَيَّ، و يغزو مساءاتِ قلبي، و يسبي ملامحَ وَجهي، و يُنطِقُ نبضي، و يُغرِقُ روحي ببحرٍ تمدَّدَ بينَ مدى ضفتَيْك. كذبتُ عليك، كتمتُ غناءَ الكناريِّ إنْ ضجَّ قلبيَ شوقًا، فغادرَ صُبحًا لبُستانِ عينيكَ، هامَ و غازلَ حبَّةَ قمْحٍِ و لوزٍ تبيتانِ في ناظِرَيك. كذبتُ عليك، و زورًا تخفَّيتُ عنكَ، و أنكرتُ عِشقي، و كنتُ أُداري بصَمتيَ صوتَ الفؤادِ ؛ فقلبي يُكركرُ لمَّا تُراقِصُ روحي يماماتِ حرفي على شَفَتيك. و لمّا بشوقٍ تهُزُّ إليَّ بجذعِ السطورِ ؛ فآكلُ تمرَ القوافي، و أقرؤ وَجْدَكَ ؛ و العندليبُ يقُصُّ حكايا غرامِكَ، يفضَحُ حلمًا جميلاً ينامُ و يُصبحُ في مُقلتَيك. كذبتُ عليك، و ما بحتُ باسمكَ لمّا على القلبِ صارتْ تدُكُّ سنابكُ خيلِ الغيابِ، و تُرسلُ أرتالَ هَجرِكَ تغتالُ صبري، تركتَ هوانا بمحرابِ شَكٍّ كذوبٍ، فما عُدتَ جاري، و لا قمَرًا عُدتُ، ضِعْتَ و ضَيَّعتَني مِنْ يَدَيك. و ما عادَ يُجدي سِوى أنْ أقولَ بُعَيدَ الرحيلِ بأنِّي كذبتُ عليك، و كنتُ أخبِّئُ سِرِّي لِكيْ لا تراني بقَيدي أسيرةَ قُرصانِ فَجْرٍ رآني برَوضِيَ ألهو معَ الطيرِ و النحلِ و الوردِ جذلى، و أرسمُ بيتي و خارطةَ الوطنِ المستعارِ بحبر الجدودِ، بخفرٍٍ أحُطُّ حُروفَ اشتياقي على جذعِ نخلةِ أُمّي، فغافلَ قلبي، و أبحرَ بيْ نحوَ قلبِكَ، بحرِكَ ثمَّ رَماني على شاطِئَيك. فعُذرًا حبيبي ؛ كذبتُ عليك و لكنَّني كنتُ أهواكَ جَمًّا، و ما زلتُ أهواكَ جِدًّا، و هذا اعترافٌ بحبِّكَ منِّي، إليك. صَدَقتُكَ تَوًّا، و توًّا أنا ما كذبتُ عليك ، ، ،