الإهداء / إلى هلال العيد الحائر بين هذه الطائفة وتلك في وطني ...!
حين كنتَ تقرأ مذكراتي ؛ كان يبهجك بياض الصفحات الخالية من إسم رجل قبل لقائك . وحين كنت تسافر في أديم وجهي ؛ كان يطربك ملمس شفتي البتول ، بل مازلت أذكر نشوة الحبورتملأ عينيك ؛ حين تطرق الطبشور بقوة على السّبورة ؛ " ان أفيقي من غفوتك بين رمشي ؛ فموعدنا عند هاتف السّابعة مساء " .
أذكر أنّي كنت اغالب رعشة اناملي ؛ بل كان مجهودا خارقا أبذله ؛ كي لايسقط دفتري حين آتيك مستفهمة عن جملة لم آلفها ، او حين تسلمني ورقة امتحان ٍ ؛ كنت بها الأولى دائما ...
كل ّ الصديقات لم يتوقعن يوما أن أحب ! ولو أحببت ؛ فسأحبه خجولا ، يخلق عالمه الخاص بين القصائد وقوانين الفلك . كن ّ يتمازحن ّ ، ويعلن ّ نبوءة : " إن مهري ربما سيكون كتبا وقصائد َ ... ولوحة لم تُرسَم بعد ...!!
وصدقت النّبوءة ؛ حين أصبحتَ في كل لحظة حب ؛ تمهرني قصائد وأغان ٍ وعصافيروأطياف ونجوم ...
*****
حدث إنك تغيبت ذات صباح بعد مساء سكن به هاتفي من رنينه المعلن نداءَكَ لي . كنت ُ أول الدّاخلين قاعة الدّرس – بعد زلزال ضربه الجرس في أوصالي – مترقبة وقع خطواتك حين سمعت الزّميلات يتبادلن خبر إجازتك المرضية .. وسفرك إلى الجنوب ...
أسقط في يدي ؛ (فكيف لم ينبئني بهذا ؟ ! ) ، لابد إنّها شرفة المساء قد أورثته بردا ؛ حين يلوذ بها ، يهاتفني ؛بعيدا عن مسامع شريك سكناه ، ولابد إنّه مطر الليلة قبل الماضية ...
تراكمت اسئلتي في بئر موحش :
كيف ينتهي اليوم ؟ وكيف سأفهم بقية الدروس ؟
امتعضت ُ ، شعرت أني على شفا تسليم عرش المرتبة الأولى لمنافستي . لكنني تنفست الصعداء ، وشعرت أن ّ المقادير كانت تجري معي ؛ فاتحاد الطلبة قد أعلن المظاهرة على اغتيال بسمة ياسمينة العيد ؛ فكيف نكون في وطن واحد ونشطر الهلال إلى نصفين ؟!
****
كان زحف الأسئلة يسكن محيط جفني ّ في كل مرة يرحلان بها نحو ساعة الجدارالمعلقة كصمت ٍ كئيب . كانت وحول من طمى الأنتظار تتجمع عند أنفاسي فأشعر بالأختناق ؛ بل كانت كأنها تردم كل دمعة آيلة للانهيار . حتى رن ّ هاتف السابعة مساء :
- أيّها المجنون أين انت ؟ كيف لم تخبرني ؟
- خشيت إقلاقك .
- ورحيلك إلى الجنوب ؟
- هل خشيت ِ أن تخطفني نخلة ؟
- وكيف لا ، وأنا ألمح البساتين منها على امتداد ضفاف عينيك ؟
- لاتقلقي ، فالفرات قضيتنا ؛ بل هو حبلنا السّري الموصول بيننا ...
غفوت مثل، كل مرة؛ في صدر كلماتك . حدثتك عن يومي كيف كان، وأخبرتك بإنّك كنت قضيتي التي خرجت بها في المظاهرة ، ولافتتي التي حملتها بأن :"لاتكسروا هلال العيد ، ودعوا النّخيل يبتسم " .
* العنوان ( دعوا النخيل يبتسم )مستوحى من عنوان قصيدة (خلي الزيتون يبتسم )كمال عمّار
التوقيع
ممن اعود ؟ وممن أشتري زمني ؟ = بحفنة من تراب الشعر ياورق؟