مصر تتنفس الحرية
لم أكن أتصور أن أعيش اليوم التي تنهار فيه الدكتاتوريات واحدة تلو الآخرى كألعاب الدومينوالمتهاوية ,, بعد ما اعتقدتُ لزمن أن الرؤساء في وطننا العربي لن يرحلوا عن كراسيهم إلا بحل من عند الخالق عز وجل فقط ,, أو بالأحرى "من الكرسي للقبر" !! ربما في خضم الأحداث تسافر الأفكار نحو التعقل والعقل والتفكير والتمحيص في الماضي والحاضر والمستقبل ,, لا أعلم لماذا لفتني جدا ردة الفعل المواطن المصري العادي وهو يعبر عن فرحته الكبيرة بما حققه من نصر كبير سيسجله له التاريخ بنقاء بصدراة صفحاته,, جاءت كلماته بسيطة معبرة على كل ما اختزنه منذ ثلاث عقود ,,
لفتني مثلا قول أحدهم وهو يصدر تنهيدة طويلة:: " يروووح يغووور "
وأخرى تقول:: " والله غطا الحلة خسارة فيه " وهي تواصل التصفيق بغطائين في يدها ,,
ومواطن آخر يقول :: " حابب الكرسي طيب ياخذه معاه" وآخر يقول مش حرام انا عمري 29 سنة خلقت وعشت وما شفتش الا ريس واحد "زي ابو الهول ما بيتزحزحش "
او" يا شيخ والنبي ربع قرن كفاية عليه " أو:: " أيوه يطلع بره عوزين مصر تكون حره "
ناهيك عن الهتافات الكثيرة التي كانت تتراوح بين الجدية في الطرح وروح النكتة المحببة والقريبة على القلب,, وهي في نفس الوقت إذا تمعنَّا فيها جيدا نجد لها بعد وعمق ,, دقيقة في تحديد عناصر مهمة تحدثت عن سياسة انتهجها النظام المصري السابق خلال العقود الماضية مثل الهتافات التالية ::
" باعوا الدولة وباعوا الغاز ...دول عاوزين الولعة بجاز"
" حسنى بيه يا حسنى بيه قولى محاصر غزه ليه؟"
هذه الهتافات مثلا لم تُقل إعتباطيا ولا عشوائية هي تدل عن وعي هذا المواطن الذي عانى كثيرا من الاحتقان بعد كل موقف تتخذه حكومته وبحرية مطلقة ,, وهو بالمقابل حُرم من التعبير عن رأيه ناهيك حرمانه عن المشاركة في القرارات المصيرية ,, التي أسدلت على حياته الكآبة والشعور بالذل باعتبار مصر هي كبرى الدول العربية والتي من المنطقي و البديهي أن تكون قدوتهم تحدد المسار المواقف الشريفة ,,
في خضم الأحداث وتسارعها لم ينسى المواطن المصري أن يعبر عن استيائه الشديد من صفقة الغاز ,, ومن مواقف نظام الرئيس مبارك أيام حرب غزة وبعدها ,, لم ينسى أن يقول مثلا والفرحة تغمر قلبه بإزالة الطاغية مبروك ياغزة أخيرا " رجعنالك ورجعتي لنا " هذا إن دل عن شيء يدل عن المعدن الأصيل والوطني للشعب المصري ويدل على حقيقة مشاعره ومواقفه ,,
فهنيئا للمصرين الذين صنعوا نصرهم بدمائهم فأجبروا العالم أجمع على احترام ثورتهم ,, بل أعطوا درسا راقيا للأمم المختلفة التي ظنت لزمن أنها أرقى من الجميع ,, والمتصدرة لنا تعطينا الدروس والعبر لقد علمتهم الثورة المصرية أن بعبع الاخوان المسلمين لم يعد ينفعهم كورقة يلعبون بها و بتلاعبون ,, وأن الإنسان العربي والمسلم ليس همجي ولا دموي ولا جاهل ,, وأنهم بإرادتهم الحرة رسموا حريتهم بريشة أنيقة وراقية ,, بدؤها عن طريق الشبكة العنكبوتية وختموها في ساحة التحرير أو الشهداء ,,
( سفانة بنت ابن الشاطئ )