أنت قدري ، أنت ذلك الجبل الذي اتطلع له شامخة دون انحناء ، تعثرت بك ذات مساء ومازلت أعيش في دهشة تلك اللحظة بكل ما فيها من بهاء .
كنا في ضيافة المطر خارج أسوار خوفنا الفطري يحفنا نبض قلبينا، رغم ذلك كنت أرتجف خوفاً من عيون ترصد تحركاتنا من خلف قبح الفضول، خبأت خوفي داخل معطف رجولتك وألقيت بذعري خلف ظهر الضوء، أقنعتني وقتها بأن مهمة الضوء حراسة العشاق الصادقين لإنهم يحملون رسالة مطرزة بالأحاسيس لكل البشر.
أذكريومها بأنك عانقتني بعنف وكأنك كنت تفكك لغم الحب المزروع في أعماقي، أحببت البكاء في حضرتك واحسست بأن كل حواسي قد بلغت سن الرشد حينها، وحينها فقط تحسست قلبي وأشفقت عليه من ثورة قلبت كل نظريات الرتابة التى تعود عليها رأساً على عقب.
أغرقتك بنهر عطائي الشرقي،
أربكتك باندفاعي بإتجاهك،
عكست حروف الأبجدية لتقرأني بطريقة مختلفة،
أدهشتك بنضجي المفاجئ وفي كل محاولة لك كي تستفيق من دهشتك كنت أعاجلك بضربة من ضربات مشاعري فتسقط مترنحاً في ذهول ولسان حالك يقول:
"أهذه هي الأنثى التي كانت تختبئ خلف ظلها!!!!!"
نعم انا هي،
نعم أنا النسخة المطورة من امرأة فككت لغزها بمهارة ، ومن غيرك كان ليفعل ذلك؟؟؟
هل أربكتك؟
أعرف بأنني أربكت مشاعرك المرتبة على أرفف الرتابة منذ سنين، لم تكن تتخيل بأن هناك من سيأتي ويكتشف مجاهل حضارتك غير المأهولة ، لكنني فعلت،
نعم فعلت ،
ونجحت ،
أتعرف لماذا؟
لإنك حضارة متميزة تستحق المغامرة.
عندما يأخذك الغياب قسراً أشعر بالغربة فأهرب إلى صديقنا البحر،
أجوب المرافئ وألملم دموع المودعين وما تساقط من أوراق عشق وحنين،
ألملم قصاصات حكايا من سبقوني وأودعها المحارات المهجورة ثم أدفنها في الرمال كي أحفظ أسرارهم،
في غيابك أمارس رياضة الركض فوق تلال البعد،
أنقب عن خبر منك بين نسمات الهواء، أو همسة تأتيني من خلف قرص الشمس عند المغيب.
أيها المشاكس المحترف، أشعر بغربة في كل الأماكن عندما لا تكون فيها، حتى القمر عندما يشفق علي ويطل ليسامرني في وحدتي أخدش جدرانه مفتشة عن ملامحك فيه.
أشعر في غيابك بأن حروفي في حالة اغتراب وأفكاري كغيمة حيرى لا تدري أين ترمي بحملها عندها يلبس قلمي ثوب الجنون فيتواطأ مع أحرفي ويرتكب الخطايا فيكتب بلا هوادة ضارباً بتحفظي عرض الورق.
ذات شوق وانتظار تذكرتك بعدد مساماتي التي تتوق لأنفاسك فصرخت بعلو صوتي
أين أنت؟
رددتها بصوت عال هناك على شاطئنا فارتد الموج فزعاً حاملاً بعض أحرفي الغاضبة إليك، أعلم بأنه ينقل لك تحركاتي فبينك وبينه حالة عشق أبدية منذ سكنته بقاربك المهاجر في دنيا الاغتراب،
ناديتك ثانية ، أين أنت ؟؟؟؟ فاقترب مني نورس فضولي يتطلع نحوي بشفقة، أتراه ضل الطريق أم أنه أشفق على وحدتي ؟؟؟، مددت يدي وربتت على ريشه المبلل وابتسمت، وهمست لك:
"لقد أطلت الغياب ...لم يكن هذا اتفاقنا ولن ألتمس لك أي عذر، بدونك أشعر بأنني امتطي قارباً يمخر عباب الفراغ والمجهول فلا تكن سبباً في سفري الى مجاهل اللامكان".
إعترف الأن وقل لي ، كيف تتذوق طعم الدنيا في غيابي؟
أعلم بأنني أسكن كل الزوايا التى تحيطك،
وأنني أٌطل عليك صباحاً في فنجان قهوتك وبين أسطر جريدتك،
وظهراً في مرأة سيارتك،
وعند مغيب الشمس أٌطل عليك من خلف التلال ،
أعلم بأن اسمي يسكن شفتيك وأن أحرفي مخزنة في ذاكرتك،
أعلم أيضاً بأن صورتي مطرزة في الطبيعة من حولك وبأنك ستراني بين بتلات الزهور ،
وتسمع همسي في شدو الطيور،
ستراني في ألوان الفراشات المشاكسة،
وأينما تدير وجهك ستجد ابتسامتي تلاحقك كتعويذة فرح.
أتخيلك تبتسم وأنت تتصفح كتاباً بعد أن أطل عليك طيفي من بين السطور وخطف نعاسك لتهمس بتنهيدة:
"آه منك يا سارقة ساعات نومي".
وانا سأردد هنا:
" من أجلك احترفت السرقة ، نعم أنا هي سارقة ساعات نومك".