قيل قديما :إن البعيد عن العين هو بعيد عن القلب , وذلك قبل أن تأتي دراسات علم الاجتماع والنفس لتؤكد هذه الحقائق البسيطة . فالغربة بمعنى البعد تقود إلى الاغتراب في العلاقات الإنسانية, ولذلك يوصى أستاذ علم النفس بجامعة الأزهر الأسر التي يغترب عائلها في بلد بعيد بالإصرار على التواصل اليومي معه عبر الهاتف أو عبر شبكة المعلومات الدولية ولمدة لا تقلُّ عن ساعة يوميا لإشعار أفراد الأسرة من الأم والأولاد بقرب الأب منهم ومشاركته في مشاكلهم وحياتهم اليومية .
وينبه الدكتور محمد المهدي الآباء المسافرين اختياريا إلى الإسراع بالعودة والحرص على لمّ شمل الأسرة قائلا إنهم أحسن حالا من الأسر التي يضطّر عائلها للسفر بسبب العائد الاقتصادي المنخفض . ويؤكد الدكتور المهدي أن نموَّ الأطفال في غياب الأب يعرضهم للإصابة بالاضطرابات النفسية حيث يكون الأب قدوة للولد الذي يتوحد معه بشكل لا شعوري في طريقة تصرفاته في الحياة أثناء وجوده في الأسرة كما يمثل للفتاة نموذج الأب ونموذج الرجل .
ويوضح أن غياب الأب يمثل صدمة للزوجة في أول السفر وينقلب الشعور بالصدمة إلى إحساس بالحنين والاحتياج وبعدها يليها بمرور الوقت الدخول في مرحلة الاكتئاب والحزن ثم تنتهي بمرحلة النسيان اللامبالاة وهو ما يؤدى لشعور بالاغتراب بينهما عندما يلتقون بعد سنوات الغربة الطويلة . وتقول دراسة أن الأم تخشوشن وتكتسب كثير من صفات الرجولة لتعويض غياب الأب فتفقد أعصابها مع الأطفال أو تعاملهم بقسوة وتغيب دور حنان الأم وتفهمها لمشاكلهم مما يؤثر سلبا على الأطفال ويشبّون على التوتر .
ويؤكد المهدي أنه من المفيد اطلاع الزوج على طباع أولاده بالتواصل المستمر والمشاركة في حل المشاكل اليومية منذ نعومة أظافرهم ومراحل الدراسة المختلفة
منقول