على جمار الجوى - محاكاة لنونية ابن زيدون الخالدة-مكي النزال
على جمار الجوى
محاكاة لنونية إبن زيدون الخالدة
***
على جمار الجوى طالت ليالينا
وتاه بالعيس من خلناه حادينا
*
تقلّبت كالثكالى في تصبّرها
وأمعنت بنصال الوجد تدمينا
*
كأنها بشراع الحزن تأخذنا
حتى تغيب بعيداً عن شواطينا
*
تدور بالكأس ما لذ ّت لشاربها
من مُرّ ما أترعتها الآه تسقينا
*
عادت وعدنا وما عادت مكارمها
ونحن كنا لما كانت سلاطينا
*
كنا لها مأمناً من كل شاردةٍ
واليوم َ ينأى بها من كان يؤوينا
*
بان الأحبة كلٌّ فوق راحلةٍ
وأقفرت من حكاياهم نوادينا
*
والدار تشتاق دفئاً من تسامرنا
تدري بأنا هنا نبكي، فتبكينا
*
والنهر سار وئيداً في مرابعنا
حتى استحال زلالٌ منه غسلينا
*
ونحن نشرب مرّاً في تغربنا
فغير ماء فراتٍ ليس يروينا
*
تقطّعت بيننا الأسباب واحترقت
مراكب العوْد واهتز ّت أمانينا
*
يا غربةً طحنت أضلاعنا أملاً
في أن نعود، يكادُ اليأس يُردينا
*
سبع ٌ مضين ثقالاً في ضمائرنا
فذلُّ هذا التنائي المُرّ يـُضنينا
*
نحن الذين رويناها بأدمعنا
وحين قالت دماكم، قلن آمينا
*
في كلّ زاويةٍ راياتنا خفقت
فنازلت جندها حتى الشياطينا
*
تخشى الأسود زئيراً في مفازتنا
إذ صاح صائحنا يُصحي بوادينا
*
عادوا وعدنا فلا بأسٌ يروّعنا
ولا عواء ضباع الأرض يثنينا
*
هبّت عواصفهم تدمي مرابعنا
ونحن في وجههم ثرنا براكينا
*
والعقل أمعن نأياً عن توثبنا
حتى يُخالَ سديدُ الراي مجنونا
*
وطار لبُّ عدوٍّ كان يحسَبنا
بيض الحمائم، إذ كنّا شواهينا
*
فبات يمعن في قتل الأنام ِ عسى
بحبنا لعباد لله يلوينا
*
ترى الدماء سيولاً من نواجذه
كأنّ أنيابه ُ أضحت سكاكينا
*
أدمى القلوبَ فثار النبض منتفضاً
لننهل النصر من أقسى مآسينا
*
وإننا ونداء الحقّ يجمعنا
لأضلع المعتدي صرنا طواحينا
*
تعوّدَ الظلمُ منـّا ردّ ظلمته
فصار يحشدُ للقتل الشياطينا
*
تعثرت خطوات الشرّ خائبة ً
وخاب ظنّ ضلال ٍ غاشم ٍ فينا
*
صدورنا برزت في البأس عارية ً
وزغردت حين زمجرْنا غوالينا
*
بغداد ُ تحدو بنا في ليل رحلتنا
والله ُ يلهمنا صبرًا وتمكينا
*
وكلّ حرٍّ شريفٍ جاء يرفدنا
بما لديه، ولو شوقـًا، يحيّينا
*
تمهّدت أرضنا للممسكين بها
وعانقتها سماوات ٌ تغطينا
*
أيا ابن زيدون َ،ما الشكوى سوى هرب ٍ
والكون ُ أضحى كسير القلب، محزونا
*
لن نستكين لها شكوىً وأدعية ً
دع ِ اللهيبَ بدرب العز ّ يكوينا
*
تعلـّقت في الثريّا روحُ نهضتنا
وعاد تاريخنا يعلو فيُعلينا
*
يشد من أزرنا الإيمان في زمن ٍ
اضاع طوفانهُ العاتي الموازينا
*
نسري فيسري الردى في حشد ِ من ظلموا
نحن الذين نصون العرض والدينا
*
نطير فوق رؤوس الشرّ، نقطعها
نذيقها موتها بالسيف مسنونا
*
يا أمّتي ابشري بالنصر في زمن ٍ
طالت هزائمه ُ واستفحلت فينا
*
ها نحن نبني صروح المجد عالية ً
وليس غير أعالي العز ّ يكفينا
*
نامت مخاوفنا في قلب ِ صولتنا
فالحق ّ رايتنا..، والله راعينا
*
والنصر غايتنا الأغلى ، ونحن لهُ
أو الشهادة ُ نرجوها وترجونا
*