نسي الطين ساعة أنه طين = حقير فصال تيها و عربد
و كسى الخزّ جسمه فتباهى = و حوى المال كيسه فتمرّد
يا أخي لا تمل بوجهك عنّي = ما أنا فحمة و لا أنت فرقد
أنت لم تصنع الحريرالذي =تلبس و اللؤلؤ الذي تتقلّد
أنت لا تأكل النضار إذا = جعت و لا تشرب الجمان المنضّد
أنت في البردة الموشّاة مثلي = في كسائي الرديم تشقى و تسعد
لك في عالم النهار أماني = وروءى و الظلام فوقك ممتد
و لقلبي كما لقلبك أحلا = م حسان فإنّه غير جلمد
أأماني كلّها من تراب = و أمانيك كلّها من عسجد ؟
و أمانيّ كلّها للتلاشي = و أمانيك للخلود المؤكّد !؟
لا . فهذي و تلك تأتي و تمضي = كذويها . و أيّ شيء يؤبد ؟
أيّها المزدهي . إذا مسّك الحزن ألا = تشتكي ؟ ألا تتنهد ؟
و إذا راعك الحبيب بهجر =ودعتك الذكرى ألا تتوحّد ؟
أنت مثلي يبش وجهك للنعمى = و في حالة المصيبة يكمد
أدموعي خلّ و دمعك شهد ؟ = و بكائي ذلّ و نوحك سؤدد ؟
وابتسامي السراب لا ريّ فيه ؟= و ابتساماتك اللآلي الخرّد ؟
فلك واحد يظلّ كلينا = حار طرفي به و طرفك أرمد
قمر واحد يطلّ علينا =و على الكوخ و البناء الموطّد
إن يكن مشرقا لعينيك إنّي = لا أراه من كوّة الكوخ أسود
ألنجوم الني تراها أراها = حين تخفي و عندما تتوقّد
لست أدنى على غناك إليها = و أنا مع خصاصتي لست أبعد
أنت مثلي من الثرى و إليه = فلماذا ، يا صاحبي ، التيه و الصّّد
كنت طفلا إذ كنت طفلا و تغدو = حين أغدو شيخا كبيرا أدرد
لست أدري من أين جئت ، و لا ما = كنت ، أو ما أكون ، يا صاح ، في غد
أفتدري ؟ إذن فخبّر و إلاّ = فلماذا تظنّ أنّك أوحد ؟
ألك القصر دونه الحرس الشا = كي و من حوله الجدار المشيّد
فامنع اللّيل أن يمدّ رواقا = فوقه ، و الضباب أن يتلبّد
وانظر النور كيف يدخل لا = يطلب أذنا ، فما له ليس يطرد ؟
مرقد واحد نصيبك منه =أفتدري كم فيك للذرّ مرقد ؟
ذدتني عنه ، و العواصف تعدو = في طلابي ، و الجوّ أقتم أربد
بينما الكلب واجد فيه مأوى = و طعاما ، و الهرّ كالكلب يرفد
فسمعت الحياة تضحك منّي = أترجى ، و منك تأبى و تجحد
ألك الروضة الجميلة فيها = الماء و الطير و الأزاهر و النّد ؟
فازجر الريح أن تهزّ و تلوي = شجر الروض – إنّه يتأوّد
و الجم الماء في الغدير و مره = لا يصفق إلاّ و أنت بمشهد
إنّ طير الأراك ليس يبالي = أنت أصغيت أم أنا إن غرّد
و الأزاهير ليس تسخر من فقري = و لا فيك للغنى تتودّد
ألك النهر ؟ إنّه للنسيم = الرطب درب و للعصافير مورد
و هو للشهب تستحمّ به = في الصيف ليلا كأنّها تتبرّد
تدعيه فهل بأمرك يجري = في عروق الأشجار أو يتجعّد ؟
كان من قبل أن تجيء ؛ و تمضي = و هو باق في الأرض للجزر و المد
ألك الحقل ؟ هذه النحل تجني = الشهد من زهرة و لا تتردّد
و أرى للنمال ملكا كبيرا = قد بنته بالكدح فيه و بالكد
أنت في شرعها دخيل على الحقل = و لصّ جنى عليها فأفسد
لو ملكت الحقول في الأرض طرّّا = لم تكن من فراشة الحقل أسعد
أجميل ؟ ما أنت أبهى من الور = دة ذات الشذى و لا أنت أجود
أم عزيز ؟ و للبعوضة من خدّيك قوت = و في يديك المهند
أم غنيّ ؟ هيهات تختال لولا = دودة القز بالحباء المبجد
أم قويّ ؟ إذن مر النوم إذ يغشاك= و الليل عن جفونك يرتد
وامنع الشيب أن يلمّ بفوديك = و مر تلبث النضارة في الخد
أعليم ؟ فما الخيال الذي يطرق ليلا ؟ = في أيّ دنيا يولد ؟
ما الحياة التي تبين و تخفى ؟= ما الزمان الذي يذمّ و يحمد ؟
أيّها الطين لست أنقى و أسمى = من تراب تدوس أو تتوسّد
سدت أو لم تسد فما أنت إلاّ = حيوان مسيّر مستعبد
إنّ قصرا سمكته سوف يندكّ = و ثوبا حبكته سوف ينقد
لايكن للخصام قلبك مأوى =إنّ قلبي للحبّ أصبح معبد
أنا أولى بالحب منك و أحرى = من كساء يبلى و مال ينفد