جذور الفن الفن السومري......مزهريةكلكامش خير مثال على النحت البارز حسين الهلالي
جذور الفن السومري مزهرية كلكامش خير مثال للنحت ا لناتيء حسين الهلالي
ان ال ذين قالوا عن الفن السومري بأنه فن يعاني من عقدة الطفولة والبدائية وعدم ادراك للمنظور والنسب العامة هم واهمون لأن الفن السومري في تلك الفترة التي ُتأ له البطل وتختا ر م
ن هوالأ قوى لحماية ممتلكات الأ فراد والمعبد والدولة، وهو فن تعبدي تعبيري بالدرجة الأولى يقتنص الحوادث التي ترضي الحاكم والمعبد ويبرزها بشكل درامي تصاعدي نحو الهدف الذي جاء من اجله الشكل ويوضح المعلومة، ويخلد الملوك الأ قوياء الحامين أسوار المدينة وحيواناتها من أعدائها الرئيسيين (الحيوانات المفترسة والثيران الوحشية ) ، وهذه الأعمال يودونها الكتاب والفنانون والنساخون الذين يعملون داخل المعبد لصالح التقديس ولصالح الحاكم المتأله.
وفي زمن الملك كلكامش (26500م) بّرز الكتاب والفنانون هذا البطل فقد خلده الكتاب في الملحمة الأسطورية الرائعة(ملحمة كلكامش) كما خلده النحاتون في الأختام الأسطوانية وفي مزهريته الدينية المشهورة التي وجدت بأسمه، إن هذه المزهرية الدينية على درجة عالية من التعبيرعن موضوعها الدفاعي عن الماشية والدواجن وهي رمز يمثل حماية الملك للمدينة وأهلها وممتلكاتها من الأ عداء من بشر وحيوانات مفترسة فها هو يبسط ذراعه على الثور ويطوق رقبته المستهدفة من قبل الأ سود ونرى الد واجن قد صعدت فوق ظهر الثور وحوله ودخلت في دائرة حماية ككامش الأ شعث الرأس الأ سطوري القوي ،وقد برّز النحات ملامح وجهه والعتبير الحي ولحيته الكثة ويبدو انه عار ٍ لا يعيقه شيء في نزاله مع الأسود وانه أهلٌ للحماية.
هذا التكوين من النحت الناتئ الذي يحدد هذه المهمة الخاصة للبطل ككامش ، وهناك مهام عسكرية أخرى وأخرى تعاونية في حادثة الحرب بين سلالة كيش في زمن ملكها(أكا) وسلالة الوركاء في
زمن ملكها ككامش حوالي (2650ق0م) قد حول أنظار الناس من السلطة الدينية إلى السلطة السياسية التي أدارت هذه الأزمة وانتهت بالصلح مع (اكا)وفك الحصار عن مدينة الوركاء.
ومهما يكن فقد اصبح كلكامش في نظر شعبه والأ قوام التالية بطلاً اسطورياً جمع بين السياسة إلى جانب القوة.
ويقول 0د0 فوزي رشيد :- ((ان قدرة ككامش السياسية واستعداده لقيادة المحاربين ضد مدينة كيش قد أنقذ مدينة الوركاء ولفت انتباهها وانتباه بقية السلالات الأخرى إلى حاجتهم الفعلية إلى الرجل السياسي والعسكري أكثر من حاجتهم إلى رجل الدين والى طقوسه0
ولهذا السبب بدأ الحكم في جميع السلالات العراقية القديمة يتحول تدريجياُ من الزعامة الدينية إلى الزعامة الدنيوية ( السياسة والدين في العراق القديم ص14).
ولكن لم يكن في كل الفترات التي تلت ذلك إغفال للسلطة الدينية فكان الحاكم السياسي يجمع مابين السلطة الدينية والسلطة السياسية.
ا ننا نجد كل الدلائل التي تؤكد دور البطل وتظهر قوته في المنحوتان الناتئة وألأ ختام الأسطوانية وهي دليل خالد في حياة الطبل الأ سطوري ككامش حيث تنقل لنا صراعه مع الأ سود الضارية المنتشرة في سهول الوركاء والسهول السومرية الأخرى وقد امتدت صناعة الأختام من العصر السومري إلي العصرالأكدي حيث وصلت إلى أوج عظمتها وعندما يستذكرون كلكامش وصديقه انكيدو يتناولونهم في كثير من المواضيع الأسطورية والواقعية وتظهر لنا ملحمة كلكامش انهما بطلان لا يقهران اذا اشتبكا مع الحيوانات المفترسة وترينا الأختام التي تناولت البطل كلكامش والتي ظهرت في العهد الأ كدي انه إذا اشتبك مع الحيوان الوحشية كالأسد فأنه يستطيع ليّ ظهره اوخلع أحد اطرافه، وقدجسد الفنان المسكة القاتلة التي شلت كل حركته وابطلت مفعول قوته أو مزقه أشلاء مثل ما يحدث مع جاموس وحشي وطأه بقدمه ومسك قرنه تمهيداً لتمزيقه.
اما تفصيل الجسد فجعله الفنان يشبه أجساد الرياضيين لعنايته بتفاصيل عضلات اليدين والرجلين والتصميم والقوة الظاهرة على تقاطيع وجهه
هي كلها من خصائص النحت الأكدي الذي نمى باتجاه الواقعية الواضحة والمتجانسة مع الفن السومري وهذا برز في النقش على الأختام الأسطوانية .
((والغاية من تناول هذه المواضيع هوالتعبيرعن المفاهيم العقائدية واللاهوتية التي ُتعالج من قبل )) (اندري باور- سومر وفنونها وحضارتها ص240 ).
لقد استثمر الأ كديون ملحمة كلكامش في كل فنونهم وآدابهم بالرغم من موضوع الملحمة كفاح لم يعط ثماره لبطل يسعى للحصول على حياة ازليةوقدتنا ولت القصائد الأ كدية هذا الموضوع وجعلته موضوعاً رئيسياً لكثير من ملاحمهم وقصائدهم الدينية
ولوان الملحمة ترينا أن كلكامش لم يحصل في كفاحه على الحياة الأزلية وفقد الأمل في ذلك الاان الأكديين أصروا على تناول الموضوع الملحمي وعمقه في التاريخ وفتح أفقا للحياة والموت وكيف يتصرفون إزاء هذا الموضوع واختصرعلىالملوك والمخلصين لهم وحجّبه عن الآخرين
وبالأخير يخضع الجميع إلى دورة الحياة ان شاء وا أم أبوا .
من هنا تصبح ملحمة كلكامش ونهايته غير ا لسعيدة تتكرر في كل الأدوار كرمز للأ نسان وكفاحه في الحياة .
ان كثرة هذه الأختام الأسطوانية وتطورها ووصولها إلى درجة عالية من التطور لن يثني الأكديين عن نحت ناتئ في هذه الحقبة الزمنية التي حكم بها الأكديون، لكن نجد ان المصادر التاريخية التي نستقي منها هذا النحت الناتئ قليلة ،أضف إلى ذلك عدم عثور الأثريون على العاصمة اكد لتفتح لنا خزائنها لمعرفة كثير من المعلومات المعرفية في الفن الأكدي
ولكن نرجع ونقول ان الأختام الأسطوانية التي ظهرت في العهد الأ كدي خير دليل على قوة هذا الفن وواقعيته الأ خاذة وقوة تعبيره وثراء مواضيعه.
والأختام الأسطوانية التي تمثل البطل العاري والرجل الثور بوصفهما حماة وهما يقترنان في الغالب بشخصية كلكا مش وأنكيدو في الملحمة الشهيرة.
يقول ستين لويد(( ولم تثبت صحة هذه العلا قة في الواقع كماان البطل يظل مجهولاً بينما لايمكن ربط الأنسان بالثور الا ربطاً واهياً بشكل.
(الفون) الوارد في الميثولو جيا المتأ خرة.
والواقع ان من العبث التعرف إلى جميع الصور الموجودة في الأ ختام هذه الا بالرجوع إلى الأدلة الأدبية القليلة المتو فرة، اذ ان عدداً كبيراً منها يبدو محض وسائل ابتكرت (على الورق) لملء الفراغ ولم تكن اكثر من مجرد نزوة من نزوا ت الخيال عند صانع الأ ختام)) (فن الشرق الأ دنى القديم ص108 )
ولكن المنحوتان والتماثيل المدون عليها اسم الحاكم او الملك نحتت بدراية منه أضفى عليها صفة القدسية وخصصت للمعبد كقطعة مقدسة لذلك فأن المزهرية المقدسة هي اكثر يقيناً بأنها تمثل المواضيع التي نالت رضى واستحسان الملك.
ومزهرية كلكامش هي تقع تحت طاولة هذا الموضوع المقدس والذي يعنينا في هذه المزهريات المنحوتان الناتئة و تكوينات موضوعاتها
سواءً جاءت بشكل رمزي أو موضوع قصصي كي يعطي معناً للتقد يس .
المصادر
الفن في العراق القديم / تأ ليف انطون مورتكات /ترجمة وتعليق عيسى سلمان وسليم طه التكريتي•
سومر فنونها وحضارتها / تأ ليف اندري باور / ترجمة وتعليق•
عيسى سلمان وسليم طه التكريتي
فن الشرق الأ دنى القديم / تأ ليف ستين لويد /ترجمة محمد درويش•
السياسية والدين في العراق القديم/ الدكتور فوزي رشيد•
الأمير كوديا / الدكتور فوزي رشيد•
الأساطير السومرية / تأ ليف صموئل نوح كريمر /ترجمة داود عبد القادر•