أفتقدك
شعور الفقد شعور مرعب ، إنه يشبه مكان مهجور، مبعثر، ضربه الزلزال فغير ملامحه ،
إنه شعور الوحدة والخواء من الداخل، تشعربأن أعماقك مهجورة وأحلامك مصفدة بحالة من الزهد في كل شئ.
إنه شعور يجلدك بسياط محاسبة الذات ويترك على جسد نفسك أثار لا يمحوها الزمان.
لماذا نفقد من نحب؟
لماذا نصل للمرحلة التي نلوح بها لمن نحب بكف الوداع المغمس بالدموع ونلتفت الإلتفاتة الاخيرة وكأننا نكتب النهاية في اخر السطر؟
نغمض اعيننا رغبة منا بالاحتفاظ بكل المشاهد، نسجنها بين الأهداب، نتشبث بها ليقيننا بأننا لن نكررها،
نأخذ شهيق عميق في محاولة منا لإبتلاع مايمكن ابتلاعه من هواء يحتوي زفير من نحب.
لا أدري لماذا اجتاحني شعور بالفقد عندما صَدمت عيناي زهرة جورية يابسة غافية بين طيات كتاب كنت أتصفحه وأنا في خلوة مع نفسي على شاطئ البحر ، للوهلة الاولى أحسست بأنني أشبهها أو أشاركها حالة الجفاف فاحتضَنتها يداي وتعاطفت معها عيناي ووجدتني أهمس لك:
أفتقدك في كل وقت وفي كل الفصول،
أفتقدك عندما ترحل الغيوم عن صدر السماء،
أفتقدك عندما تعبث رياح الخريف بأوراق الشجر،
أفتقدك عندما تتخلل أصابع الصقيع جسدي وتضرب عظامي بقسوة،
فأرتجف برداً
وأرتجف شوقاً
وأرتجف عشقاً
وأرتجف ضياعاً
وألجأ الى أسئلتي المحمومة لعلي أجد الدفء بين علامات الاستفهام.
وأتساءل...
كم سنة تلزمني لأتأكد بأن الفصول الأربعة قدغادرها فصل الربيع بغيابك؟
كم صفحة من الأحلام علي أن أطوي حتى أصل الصفحة التي تجمعنا على ضفاف حلم؟
كم سنة علي أن أتوه في الصحراء حتى أؤمن بأن عودتك سراب؟
كم مرة علي أن أفقد ذاكرتي حتى أكف عن التفكير بك؟
كم من الوقت على أن ألتصق بمدفأتي حتى أتأكد بأن الصقيع الذي يضرب أعماقي سببه غيابك وليس برد الشتاء؟
كم بحر علي أن أقطع سباحة حتى أغتسل من بصمات الحزن العالقة بأطرافي لفقدك؟
كم من الدروب علي أن أسلك حتى أتأكد بأن بحثي عنك عبث فأكف عن البحث؟
كم رواية عشق حزينة علي أن اقرأ حتى أتأكد بأن حكايتنا ليست ككل الحكايات وإنها لوحة فريدة لا يمكن تكرارها؟
اظن بأنه قد حان الوقت لأجتث جذور علامات الاستفهام وألوذ بصمتي حتى تحمل لي الأقدار مفاجأة عنوانها حضورك.