ينظرون إليها شاعرةً للحزن والكمد والتفجع، حيث تسيل الدموع من سفوح قوافيها وتتتابع الآهات بتتابع المفردات على مدى الشعر.
لكنني أراها المرأة الحرة التي حاولت أن تبتكر طريقتها الخاصة في البكاء شعرا، لا لتبكي وحسب، بل لتؤكد حريتها وفرادتها، وتكرس موهبة كبيرة في فن العربية الأول في ذلك الزمن القديم. فليس أسهل من أن تبكي امرأة فقدت معظم المقربين إليها، وعاصرت أرواحهم وهي تتقطر من بين يديها ذهابا أبديا، لكن ليس من السهل أن تفطن تلك المرأة لما تملك من قوة مختبئة بين القوافي فتفجرها رثاءا خالدا ليس لموضوعه الباكي المتكئ على تصاريف الزمن وحسب بل لسحر الشعر فيه أيضا.