آخر 10 مشاركات
العلة في العروض(علل الزيادة) (الكاتـب : - )           »          الزحاف الجاري مجرى العلة في القصيدة (الكاتـب : - )           »          اللَّهمَّ صلِّ على سَيِّدِنا محمد (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          سجل دخولك بنطق الشهادتين (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          دمـوعٌ خـرســــــــــاء .. !!!!! (الكاتـب : - )           »          محبك في ضيق..وعفوك اوسع ... (الكاتـب : - )           »          الزحاف المركب ( المزدوج) في العروض (الكاتـب : - )           »          الزحاف المفرد في العروض (الكاتـب : - )           »          أسماء القافية باعتبار حركات ما بين ساكنيها (الكاتـب : - )           »          في السماء بلا حدود (الكاتـب : - )



العودة   منتديات نبع العواطف الأدبية > نبع الأدب العربي والفكر النقدي > السرد > القصة القصيرة , الرواية,المسرحية .الحكاية

الملاحظات

الإهداءات
عواطف عبداللطيف من أهلا وسهلا : بالشاعر خالد صبر سالم على ضفاف النبع يامرحبا منوبية كامل الغضباني من من عمق القلب : سنسجّل عودة الشاعر الكبير خالد صبر سالم الى منتدانا ************فمرحبا بالغائبين العائدين الذين نفتقدهم هنا في نبع المحبّة والوفاء وتحية لشاعرنا على تلبية الدّعوة

 
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 02-01-2010, 01:29 AM   رقم المشاركة : 1
أديب
 
الصورة الرمزية عبد الحميد دشو





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عبد الحميد دشو غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي و أزهــر الــحب

و أزهــر الحــب ..

كلما تأملتها ، بدت لي كالمنحوتات السومرية المغرقة في القدم ، المصنوعة بدقة متناهية ، نابضة بكل قوة الحياة و التفاؤل ، أراها أمامي ، تجمع في شخصها كل دهاء الأنوثة الفطري ، براءة لا متناهية ، فتنة عفيفة ، نور متدفق باستمرار من الوجه القمري ، ثقة عالية متجددة بالنفس ، تفيض شباباً و حيوية ، و دفئاً خفياً ، و شذىً معتق .

كان يوماً كانونياً بامتياز ، يوم وصلت إيلاف من المدينة ، لتبدأ مباشرة في تسلم مهام عملها ، أجنحة الريح تحلق في كل الفضاءات ، تنشر البرودة ، تكنس صقيع الصباح ، تنذر بشتاء قاسٍ ، زاد من حلك الظلام المخيم في نفسي ، لكن ذاك الظلام بلغ نقطة الذروة في ذاك اليوم ، ليبدأ بعده التراجع و الانقشاع رويداً رويداً ، مبشراً بحلول صباح ربيعي هادئ جميل ، و من هنا كانت البداية .
جلستْ في غرفة الإدارة ، تستمع و تستفسر عن وضع المدرسة ، و في أول نظرة ألقيتها عليها في ذلك اليوم ، خلت أنني أعرفها منذ عشرات السنين ! لم يكن وجهاً غريباً البتة ، توقعت بل اقتنعتُ أنها إيلاف ، المعلمة الجديدة التي عينت قبل أيام في مدرستنا ، و لكي لا أحمل نفسي غروراً لا مبرر له ، قررت التأكد ، انتظرت خروجها لأسأل المدير : من هذه ؟ قال لي : هذه زميلة جديدة لنا اسمها إيلاف ، دهشتُ إلى حد كبير ، لقد تطابق الاسم و صاحبته لدرجة غريبة ، هتفت في الأعماق : هذه هي إذاً ، أحسست بارتياح عميق ، و بدأت لحظات الدفء المنعش تسري في عروقي ، شكرت حدسي ، و اطمأننت على سلامة تصوراتي ، و من يعرف قد تكون هذه المرة الوحيدة التي فلحت بها في دقة الحدس و بدون أن أرتب الأمر .
تساءلت : أهذه كانت لعبة الأقدار ، من يدري ، فقد تخبئ لنا الأقدار ما لا تشتهي الأنفس ، و قد يكون العكس ، شعرت من يومها أنها أخذت تبث في ثنايا نفسي المظلمة باليأس ، شعاع الأنوار الباهرة المترعة بالأمل ، فوجدت الدنيا تصفو ، و بلحظة لم أدركها ، وجدت كل هذه الظلمات تنقشع أمام أنوار الحب .
شغلني اسمها كثيراً خلال شهور طويلة .. لم يغب عن ذهني أن العرب القدامى كانوا يعشقون أسماء الأمكنة التي عاشت بها الحبيبة ، فكيف إذا كان هذا الاسم اسمها ، رددت في نفسي " إيلاف ، إيلاف " ، كنت أجد لذة في ترديد اسمها بين طيات ذاتي ، لأسمع صداه في كل مكامن روحي ، اختلط الحب و الجنون و جمال القمر و الموسيقى الصاخبة بموجة عنيفة من الفتنة المتأججة في نفسي ، ما أثارني و صلب موقفي تجاهها ، بعدها عن الإيهام المحتمل للرغبات من طرف الآخرين ، إذ التزمت تجاههم خطاً لم تحد عنه ، تجاهلت الجميع بكبرياء هادئ ، و انطلقت إلى رحلتها التعليمية بشغف و حب ، يزين محياها ابتسامة خافتة لم يرصد ذبذباتها غيري ، و عينان براقتان تنمان عن ذكاء حاد ، ينطلق منهما شعاع ساحر ، يخترق القلب ، فيشعره برجفة عنيفة .
صورة مفزعة كادت تسيطر على كل مجريات حياتي ، تشبه إلى حد كبير في أحد وجوهها صورة الشجرة التي دب الجدب في معظم أوصالها ، فلم تعد تزهر أو تورق ، تعطلت فيها كل عمليات التركيب الضوئي ، تساقطت بقايا أوراقها المصفرة و القاتمة منها ، هنا و هناك في مساحة شاسعة من الوحدة و الوحشة المخضبة باليأس ، و خوف بقي شبحه زمناً طويلاً يطارد أشرعتي الهاربة في عباب بحر لا حد لامتداداته .
الشيء الوحيد الذي يخشاه الناس ، الموت .. لم أعتبره يوماً نهاية كل شيء , طالما بقي الأمل منتصراً على اليأس .
وقفت أتساءل مرة أخرى : هل كل نساء العالم على قدر واحد من الجمال و العظمة ؟ لولا هذه الأنوثة الدافقة ، لتسرب اللامعنى في كل شيء ، في الحب و الخوف و الأمل ، و الألفة ، و الحياة .
بحثت عن كل الأقوال التي قيلت في المرأة .. المرأة لغز ، مفتاحه كلمة واحدة هي الحب ، الحب وردة والمرأة شوكتها ، المرأة كوكب يستضئ به الرجل ، وعود المرأة تكتب على صفحات الماء ، راقت لي مقولة " المرأة النصف الأفضل أظالمة كانت أم مظلومة ،من هنا بدأ بحثي عن هذه المرأة " النصف الأفضل " بحثت كثيراً ، لم أجدها ، أحلام كثيرة دفنتها في اللاشعور ، خلال بحثي عنها ، أبقيت حلماً واحداً في ذاكرتي ، تردد بين الأمل و الاندفاع حيناً ، و بين اليأس و العجز أحياناً كثيرة ، لا تسألني عن أكوام النساء اللائي أراهن و أسمع عنهن ، يركضن بلا توقف وراء كل موضة مودرن مزيفة ، و تركب متع الحياة الفاخرة ، و الأحاسيس المادية أدمغتهن الجوفاء ، كنت أرى في هذه النوعية من النساء ثنائية قاتلة ، تجمع ما بين اللذة الآنية و اليأس تتجسد في حياتهن ، فأجد الموت الحقيقي ذاته ، موت يزحف ببطء نحو كينونة النفس البشرية التواقة إلى العوالم الصافية من كل خطيئة ، موت يغتال الحب النقي ، و الأحاسيس المرهفة ، و السمو الروحي ، و يجعل من الإنسان نفسه شخصاً محنطاً .
كنت أجول غرفتي وحيداً كل مساء ، ثم أجلس لسـاعات طويلة ، أحتسي شاي الزنجبيل اللذيذ ، و أنفث دخان السجائر ، قبل أن أدون في أوراقي البسيطة فلسفتي الخاصة تجاه هذا العالم ، و هذا الحب ، و ثنائية اللذة و اليأس ، تذكرت قول أحد أصدقائي ذات مرة :
_ لا تحاول البحث عن حلم خذلك ، حاول أن تجعل حالة الانكسار بداية حلم جديد .
قهقهت ملء حناجري ، استشففت حالة من اليأس تصيبه ، أجبته بثقة كبيرة :
_ أنت مخطئ يا عزيزي ، أنا لم أعـش حلماً خذلني ، بل لم أجد ما أحلم به بعد ، و لم أنكسر .. ربما فشلك في تحقيق حلمك هو الدافع وراء يأسك ، أنت تقترب من حالة الموت الحقيقية .
أجابني :
_ ما أسهل أن تضحي من أجل حبيب ، لكن من الصعب أن تجد حبيباً يستحق هذه التضحية !
سألته بحدة :
_ هل تسمي من خذلك حبيباً ؟ ألا تعلم أن الحب أقوى من الموت ذاته ؟
و ها أنا بدأت أعيش هذه التجربة ، و أعمل جاهداً من تلقاء نفسي ، لأصنع من حبي دائرة مغلقة حولها ، و سياجاً ، و أمنع أحد من الاقتراب منها ، مستمداً معظم قواي من تلك القوة الخام التي تربض كالطود وراء ظهري ، كانت تجربة خاصة و فريدة لحالة مثل حالتي ، تحفزت لأي نوع من أنواع التضحية ، فالحلم الذي لازمني حتى في واقعي ، تجسد أمامي ، بصورة المرأة التي كنت أبحث عنها ، مخلوق يمكن وصفه بالأسطوري ، بلور الحب في كامل طهره ، و أبهى صوره ، وجدته هذه المرة ، فوجدت حبيباً يستحق كل تضحية .
كانت الكلمات تتدفق من شفتيها كحبات اللؤلؤ المنثور و هي تتحدث أمامي ، فراودتني فكرة بالبوح لها .. لا ، لم نكن بحاجة للبوح ، كانت لغة العيون تفصح أكثر مما لو استخدمنا لغة الكلمات ، صفاء العينين ، و بعد أفقهما ، ترجمت كل القيم النبيلة ، الصدق ، الصراحة ، الزخم العاطفي ، التوحد الروحي .
لن أصدق أنها سـترحل يوماً عن عوالمي السرمدية ، و تدعني في هذا الخضم الموحش وحيداً ، سيما أن هناك صورة أخرى لكنها كانت مناقضة تماماً ، تؤرقني باستمرار .. كنت أرى الكثير من الناس و أتأمل حالهم ، ينفقون جلّ كرامتهم لتحصيل المادة ، يركضون دون أي توقف ، لا يهمهم من أين ، كلماتهم الصاخبة لا تعدو الحديث عنها ، و في بعض الأحيان عن مغامرات سريعة مع امرأة لعوب .. أو نميمة قذرة ، ليوقعوا ما بين رجل و زوجته ، أو حسد يلتهم القلوب ، و أفواه فاغرة تريد ابتلاع كل شيء ، من أجل ماذا ؟ من أجل أوهام فارغة يغطون فيها رغباتهم المريضة .
لن أصدق أنها ستدعني ، أصدق شيئاً وحيداً عايشت كل لحظاته ، أنني وجدت نفسي - بعد السير في طريق النسيان الوعر و الطويل ، في الواقع و الأحلام ، و بعد كم هائل من أشرطة الذكريات التي حفرتها كل كلمة سال شهدها من ثغرها ، و نظرة ساحرة قلبت موازين القوى في كياني لصالحها – أصدق بعد كل هذا شيئاً واحداً الآن ، أنني رأيت نفسي من وسط الجموع المتهالكة هناك ، تسمو نحو أعلى قمة في فضاء الحب المتسامي ، بدون خوف أو تردد , لتقف عند آخر مكان يمكن أن يصله حبٌّ من محب .. و تصرخ في متاهات الدنيا :
_ وداعاً أيها اليأس .. وداعاً أيها الموت .. وداعاً أيتها المادة النتنة !
و جدت نفسي هناك ، و قد أورقت بها ، ثم أزهرت من جديد .. و أزهر معها الحب ، للأرض و الشمس و الأنثى ..






  رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:40 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
:: توب لاين لخدمات المواقع ::