اتفقت المادة الشارحة بين مراجع غري بالحديث كـ- أ"النهاية في غريب الأثر" للجزري، و"غريب الحديث" لابن الجوزي؛ لذا اخترت مادة "غريب الحديث" لأبي عبيد بن سلام نموذجا لكتب غريب الحديث لاحتوائها على تفصيلات غير موجودة في غيره.
(وأما قوله: وكان الناس بذي بِلي وذي بَلي فإنه أراد تفرق الناس وأن يكونوا طوائف مع غير إمام يجمعهم وبعد بعضهم من بعض، وكذلك كل من بعد عنك حتى لا تعرف موضعه فهو بذي بَلِّيّ. وفيه لغة أخرى بذي بِلِّيان ويروى عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل: الف بذي بِلِّيان. قال أبو عبيد: والصواب: بِلِّيان. وكان الكسائي ينشد هذا البيت في وصف رجل يطيل النوم فقال: [ الوافر ]
ينام ويذهب الأقوام حتى*يقال أتوا على ذي بِلّيانِ
يعني أنه أطال النوم ومضى أصحابه في سفرهم حتى صاروا إلى موضع لا يعرف مكانهم من طول نومه).
ثانيا- المعاجم اللغوية
اتفقت المعاجم في أصل المعنى فالعين للخليل، والصحاح للجوهري، ومقاييس اللغة لابن فارس، وغيرها- تورد المعنى ذاته مع تفصيلات هنا غير موجودة هناك؛ لذا اخترت "تاج العروس من جواهر القاموس" للزبيدي نموذجا لاحتوائه على تفصيلات لم تأت في غيره.
(وهو بِذِي بِلِّيٍّ، وبذِي بِلِّيّانٍ مكسورين مُشَدَّدَيِ الياء واللام، بِذِي بَلَّى كحَتَّى، ويُكْسَر كإلا الاستثنائية: أي بَعيدٌ حتّى لا يُعْرفَ موضعُه، ويقال: بِذِي بَلِيٍّ، كوَلِيٍّ، ويُكْسَر، يقال أيضاً: بِذِي بَلَيانٍ، مُحرَّكةً مخفَّفةً، وبِلِيَّانٍ، بكسرتين مُشدَّدة الياء، وبذِي بِلٍّ بالكسر، و بِذِي بِلَّيانٍ، بكسر الباء وفتح اللام المشدَدة، بِذي بَلَّيانٍ بفتح الباء واللام المشدَّدة، بِذِي بَلْيانٍ، بالفتح وسُكونِ اللام وتَخفيفِ الياء فهي اثْنتا عشْرةَ لُغَةً. فيه لغةٌ أخرى ذكرها أبو عُبيد: يقال: ذَهَب فلانٌ بِذي هِلِّيانَ، وذِي بِلَّيانَ وهو فِعْلِيان، مثل صِلِّيان وقد يُصْرَفُ، أي حيثُ لا يُدْرَى أين هو وأنشد الكِسائيّ:
يَنامُ ويَذْهَبُ الأقْوامُ حَتَّى يُقالَ أَتَوْا علَى ذِي بِلِّيانِ
يقول: إنه أطال النَّومَ ومضى أصحابُه في سَفَرهم، حتّى صاروا إلى مَوضعٍ لا يَعرِفُ مَكانَهم مِن طُولِ نوْمِه.
قال ابنُ سِيدَهْ: وصَرفه على مَذهبِه. أو هو عَلَمٌ للبُعْدِ غيرُ مَصْروفٍ، عن ابنِ جِنىِّ. أو هو ع وراءَ اليَمنِ، أو من أعمالِ هَجَرَ، أو هو أَقْصَى الأرضِ. وقول خالِدِ بن الوَلِيد رضي اللّه تعالى عنه، حين خَطب الناسَ، فقال: إنّ عُمرَ رضي اللّه عنه اسْتَعْملَني على الشام، وهو له مُهِمٌّ، فلما أَلْقَى الشامُ بَوانِيَه وصار بَثْنيَّةً وعَسَلاً عَزلنِي واستعملَ غيرِي، فقال رجلٌ: هذا واللهِ هو الفِتْنَةُ، فقال خالدٌ: أَما وابنُ الخَطّاب حَيٌّ فَلا، ولكن ذاك إذا كان الناسُ بِذِي -بِلِّيٍّ وذِي -بِلَّي. قال أبو عُبيد: يُريدُ تَفرُّقَهم وكونَهم طوائِفَ بلا إمامٍ يجمعُهم وبُعْدَ بعضِهم عن بَعْضٍ وكذلك كلُّ مَن بَعُدَ عنك حتى لا تعرِفَ مَوضعَه، فهو بِذي بِلَّي، وهو مِن بَلَّ في الأرض، إذا ذَهَب، أراد: ضياعَ أمورِ الناسِ بَعْدَه. يقال: ما أحسَنَ بَلَلَهُ، مُحرَّكةً: أي: تَجَمُّلَه.